(وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٤) وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥) وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (١٦)
١٤ ـ (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا) هو السمك ووصفه بالطراوة لأنّ الفساد يسرع إليه فيؤكل سريعا طريا خيفة الفساد ، وإنما لا يحنث بأكله إذا حلف لا يأكل لحما لأنّ الأيمان على العرف ، ومن قال لغلامه اشتر بهذه الدراهم لحما فجاء بالسمك كان حقيقا بالإنكار (وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً) هي اللؤلؤ والمرجان (تَلْبَسُونَها) المراد بلبسهم لبس نسائهم ، ولكنهن إنما يتزيّنّ بها من أجلهم فكأنها زينتهم ولباسهم (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ) جواري تجري جريا وتشق الماء شقا ، والمخر شقّ الماء بحيزومها (١) (فِيهِ) في البحر (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) هو معطوف (٢) على محذوف أي لتعتبروا ولتبتغوا ، وابتغاء الفضل التجارة (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله على ما أنعم عليكم به.
١٥ ـ (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ) جبالا ثوابت (أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) كراهة (٣) أن تميل بكم وتضطرب ، أو لئلا تميد بكم لكن حذف المضاف أكثر ، قيل خلق الله الأرض فجعلت تميد فقالت الملائكة ما هي بمقرّ أحد على ظهرها ، فأصبحت وقد أرسيت بالجبال لم تدر الملائكة ممّ خلقت (وَأَنْهاراً) وجعل فيها أنهارا لأنّ ألقى فيه معنى جعل (وَسُبُلاً) طرقا (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) إلى مقاصدكم ، أو إلى توحيد ربّكم.
١٦ ـ (وَعَلاماتٍ) هي معالم الطرق وكلّ ما يستدلّ به السابلة من جبل وغير ذلك (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) المراد بالنجم الجنس ، أو هو الثريا والفرقدان وبنات نعش والجدي ، فإن قلت وبالنجم هم يهتدون مخرج عن سنن الخطاب مقدم فيه النجم مقحم فيه هم ، كأنه قيل وبالنجم خصوصا هؤلاء خصوصا يهتدون فمن المراد بهم؟ قلت : كأنه أراد قريشا فلهم اهتداء بالنجوم في مسايرهم ، ولهم بذلك علم لم
__________________
(١) الحيزوم : وسط الصدر وما يضم عليه الحزام.
(٢) في (ز) عطف.
(٣) في (ز) كراهية.