(وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨) وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ (٦٩) قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (٧٠) قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٧٢)
كأنه قيل وأوحينا إليه مقضيا مبتوتا ، وفسر ذلك الأمر بقوله (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ) وفي إبهامه وتفسيره تفخيم للأمر ، ودابرهم آخرهم ، أي يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد (مُصْبِحِينَ) وقت دخولهم في الصبح ، وهو حال من هؤلاء.
٦٧ ـ (وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ) سدوم التي ضرب بقاضيها المثل في الجور (يَسْتَبْشِرُونَ) بالملائكة طمعا منهم في ركوب الفاحشة.
٦٨ ـ (قالَ) لوط (إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ) بفضيحة ضيفي ، لأنّ من أسيء إلى ضيفه فقد أسيء إليه (١).
٦٩ ـ (وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ) أي ولا تذلون (٢) بإذلال ضيفي ، من الخزي وهو الهوان. وبالياء فيهما يعقوب.
٧٠ ـ (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) عن أن تجير منهم أحدا أو تدفع عنهم ، فإنهم كانوا يتعرضون لكلّ أحد ، وكان عليهالسلام يقوم بالنهي عن المنكر والحجز بينهم وبين المتعرّض له ، فأوعدوه وقالوا : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ) (٣) أو عن ضيافة الغرباء.
٧١ ـ (قالَ هؤُلاءِ بَناتِي) فانكحوهنّ ، وكان نكاح المؤمنات من الكفار جائزا ، ولا تتعرضوا لهم (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) إن كنتم تريدون قضاء الشهوة فيما أحلّ الله دون ما حرّم ، فقالت الملائكة للوط عليهالسلام :
٧٢ ـ (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ) أي في غوايتهم التي أذهبت عقولهم وتمييزهم بين الخطإ الذي هم عليه وبين الصواب الذي تشير به عليهم من ترك البنين إلى البنات (يَعْمَهُونَ) يتحيّرون فكيف يقبلون قولك ويصغون إلى نصيحتك ، أو الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو قسم بحياته ، وما أقسم بحياة أحد قط تعظيما له ، والعمر والعمر واحد ، وهو البقاء إلا أنهم خصوا القسم بالمفتوح إيثارا للأخفّ لكثرة دور الحلف على
__________________
(١) في (ز) من أساء إلى ضيفي فقد أساء إليّ.
(٢) في (ز) تذلوني.
(٣) الشعراء ، ٢٦ / ١٦٧.