(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٥)
٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ) بسطها (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) جبالا ثوابت (وَأَنْهاراً) جارية (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) أي الأسود والأبيض والحلو والحامض والصغير والكبير وما أشبه ذلك (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) يلبسه مكانه فيصير أسود مظلما بعد ما كان أبيض منيرا. يغشّي حمزة وعليّ وأبو بكر (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فيعلمون أنّ لها صانعا عليما حكيما قادرا.
٤ ـ (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متلاصقة ، طيبة إلى سبخة ، وكريمة إلى زهيدة ، وصلبة إلى رخوة ، وذلك دليل على قادر مريد (١) ، موقع لأفعاله على وجه دون وجه (وَجَنَّاتٌ) معطوفة على قطع (مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ) بالرفع مكي وبصري وحفص عطف على قطع. غيرهم بالجر بالعطف على أعناب ، والصنوان جمع صنو ، وهي النخلة لها رأسان وأصلها واحد ، وعن حفص بضم الصاد ، وهما لغتان (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ) وبالياء عاصم وشامي (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ) وبالياء حمزة وعليّ (فِي الْأُكُلِ) في الثمر ، وبسكون الكاف نافع ومكّي (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) عن الحسن مثّل اختلاف القلوب في آثارها وأنوارها وأسرارها باختلاف القطع في أنهارها وأزهارها وثمارها.
٥ ـ (وَإِنْ تَعْجَبْ) يا محمد من قولهم في إنكار البعث (فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) خبر ومبتدأ ، أي فقولهم حقيق بأن يتعجّب منه ، لأنّ من قدر على إنشاء ما عدّد عليك كانت الإعادة أهون شيء عليه وأيسره ، فكان إنكارهم أعجوبة من الأعاجيب (أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) في محل الرفع بدل من قولهم. قرأ عاصم وحمزة كلّ
__________________
(١) في (ز) قادر مدبر مريد.