(قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (٢٨)
بالسياط ، ولم تصرح بذكر يوسف وأنه أراد بها سوء لأنها قصدت العموم أي كلّ من أراد بأهلك سوء فحقه أن يسجن أو يعذب ، لأن ذلك أبلغ فيما قصدت من تخويف يوسف. ، ولمّا عرضته للسجن والعذاب ووجب عليه الدفع عن نفسه.
٢٦ ـ ٢٧ ـ (قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) ولو لا ذلك لكتم عليها ولم يفضحها (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها) هو ابن عم لها ، وإنما ألقى الله الشهادة على لسان من هو من أهلها لتكون أوجب للحجّة عليها وأوثق لبراءة يوسف ، وقيل كان ابن خال لها وكان صبيا في المهد وسمّى قوله شهادة لأنه أدى مؤدى الشهادة في أن ثبت به قول يوسف وبطل قولها (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ* وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) والتقدير وشهد شاهد فقال : إن كان قميصه ، وإنما دلّ قدّ قميصه من قبل على أنها صادقة لأنه يسرع خلفها ليلحقها فيعثر في مقادم قميصه فيشقه ، ولأنه يقبل عليها وهي تدفعه عن نفسها فيتخرق قميصه من قبل ، وأما تنكير قبل ودبر فمعناه من جهة يقال لها قبل ومن جهة يقال لها دبر ، وإنما جمع بين إنّ التي للاستقبال وبين كان لأنّ المعنى أن يعلم أنه كان قميصه قدّ.
٢٨ ـ (فَلَمَّا رَأى) قطفير (قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ) وعلم براءة يوسف وصدّقه وكذّبها (قالَ إِنَّهُ) إنّ قولك ما جزاء من أراد بأهلك سوءا ، أو إنّ هذا الأمر وهو الاحتيال لنيل الرجال (مِنْ كَيْدِكُنَ) الخطاب لها ولأمّتها (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) لأنهنّ ألطف كيدا وأعظم حيلة وبذلك يغلبن الرجال ، والقصريّات (١) منهنّ معهنّ ما ليس مع غيرهنّ من البوائق. وعن بعض العلماء : إني أخاف من النساء أكثر مما أخاف من الشيطان لأنّ الله تعالى قال : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) (٢) وقال لهن : (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ).
__________________
(١) القصريات : اللواتي يعشن في القصور.
(٢) النساء ، ٤ / ٧٦.