(وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢١) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٢٢)
٢١ ـ (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ) هو قطفير وهو العزيز الذي كان على خزائن مصر ، والملك يومئذ الريان بن الوليد وقد آمن بيوسف ومات في حياته ، واشتراه العزيز بزنته ورقا (١) وحريرا ومسكا وهو ابن سبع عشرة سنة ، وأقام في منزله ثلاث عشرة سنة ، واستوزره ريان بن الوليد وهو ابن ثلاثين سنة ، وآتاه الله الحكمة والعلم وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة (لِامْرَأَتِهِ) راعيل أو زليخا ، واللام متعلقة بقال لا باشتراه (أَكْرِمِي مَثْواهُ) اجعلي منزله ومقامه عندنا كريما ، أي حسنا مرضيا بدليل قوله : (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) وعن الضحّاك بطيب معاشه ولين رياشه (٢) ووفيّ (٣) فراشه (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) لعله إذا تدرّب وراض (٤) الأمور وفهم مجاريها نستظهر به على بعض ما نحن بسبيله (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) أو نتبناه ونقيمه مقام الولد ، وكان قطفير عقيما وقد تفرّس فيه الرشد فقال ذلك (وَكَذلِكَ) إشارة إلى ما تقدم من إنجائه وعطف قلب العزيز عليه ، والكاف منصوب تقديره ومثل ذلك الإنجاء والعطف (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ) أي كما أنجيناه وعطّفنا عليه العزيز كذلك مكنا له (فِي الْأَرْضِ) أي أرض مصر وجعلناه ملكا يتصرف فيها بأمره ونهيه (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) كان ذلك الإنجاء والتمكين (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) لا يمنع عما يشاء (٥) ، أو على أمر يوسف بتبليغه ما أراد له دون ما أراد أخوته (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ذلك.
٢٢ ـ (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) منتهى اشتداد (٦) قوته وهو ثماني عشرة سنة أو إحدى وعشرون (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) حكمة وهو العلم مع العمل واجتناب ما يجهّل فيه ، أو حكما بين الناس وفقها (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) تنبيه على أنه كان محسنا في عمله
__________________
(١) الورق : الفضة.
(٢) في (ز) لباسه.
(٣) في (ظ) و (ز) ووطئ ... والشيء وفيّا كصليّ تم وكثر فهو وفيّ (القاموس ٤ / ٤٠٠).
(٤) راض الأمور : أي روّضها.
(٥) في (ز) شاء.
(٦) في (ز) استعداد.