(وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٩) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) (٢٠)
فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل أمثل (١) ، وهو ما لا شكوى فيه إلى الخلق (وَاللهُ الْمُسْتَعانُ) أي أستعينه (عَلى) احتمال (ما تَصِفُونَ) من هلاك يوسف ، والصبر على الرّزء فيه.
١٩ ـ (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) رفقة تسير من قبل مدين إلى مصر وذلك بعد ثلاثة أيام من إلقاء يوسف في الجبّ فأخطأوا الطريق (٢) فنزلوا قريبا منه ، وكان الجبّ في قفرة بعيدة من العمران ، وكان ماؤه ملحا فعذب حين ألقي فيه يوسف (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ) هو الذي يرد الماء ليستقي للقوم اسمه مالك بن ذعر الخزاعي (فَأَدْلى دَلْوَهُ) أرسل الدلو ليملأها فتشبث يوسف بالدلو فنزعوه (قالَ يا بُشْرى) كوفي ، نادى البشرى كأنه يقول تعالي فهذا أوانك ، غيرهم بشراي على إضافتها لنفسه ، أو هو اسم غلامه فناداه مضافا إلى نفسه (هذا غُلامٌ) قيل ذهب به فلما دنا من أصحابه صاح بذلك يبشرهم به (وَأَسَرُّوهُ) الضمير للوارد وأصحابه ، أخفوه من الرفقة ، أو لأخوة يوسف فإنهم قالوا للرفقة هذا غلام لنا قد أبق فاشتروه منا ، وسكت يوسف مخافة أن يقتلوه (بِضاعَةً) حال ، أي أخفوه متاعا للتجارة ، والبضاعة ما بضع من المال للتجارة ، أي قطع (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ) بما يعمل أخوة يوسف بأبيهم وأخيهم من سوء الصنيع.
٢٠ ـ (وَشَرَوْهُ) وباعوه (بِثَمَنٍ بَخْسٍ) مبخوس ناقص عن القيمة نقصانا ظاهرا ، أو زيف (دَراهِمَ) بدل من ثمن (مَعْدُودَةٍ) قليلة تعدّ عدا ولا توزن لأنهم كانوا يعدّون ما دون الأربعين ، ويزنون الأربعين وما فوقها ، وكانت عشرين درهما (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) ممن يرغب عما في يده فيبيعه بالثمن الطفيف ، أو معنى وشروه واشتروه يعني الرفقة من إخوته وكانوا فيه من الزاهدين ، أي غير راغبين لأنهم اعتقدوا أنه آبق ، ويروى أنّ إخوته اتبعوهم وقالوا استوثقوا منه لا يأبق ، وفيه ليس من صلة الزاهدين (٣) ، لأنّ الصلة لا تتقدم على الموصول ، وإنما هو بيان كأنه قيل في أي شيء زهدوا؟ فقال زهدوا فيه.
__________________
(١) في (ز) أجمل.
(٢) ليست في (أ) وقد وضع الناسخ إشارة ليستدركها لكنه لم يفعل.
(٣) زاد في (ظ) و (ز) أي غير راغبين.