قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٧١)
(الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ) وعظ بالقرآن (أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ) مخافة أن تسلم إلى الهلكة والعذاب ، وترتهن بسوء كسبها ، وأصل الإبسال المنع (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌ) ينصرها بالقوة (وَلا شَفِيعٌ) يدفع عنها بالمسألة. ولا وقف على كسبت في الصحيح لأنّ قوله ليس لها صفة لنفس ، والمعنى وذكّر بالقرآن كراهة أن تبسل نفس عادمة وليا وشفيعا بكسبها (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ) نصب على المصدر ، وإن تفد كلّ فداء ، والعدل الفدية لأن الفادي يعدل المفديّ بمثله ، وفاعل (لا يُؤْخَذْ مِنْها) لا ضمير العدل لأنّ العدل هنا مصدر فلا يسند إليه الأخذ ، وأما في قوله (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) (١) فبمعنى المفدي به فصح إسناده إليه (أُولئِكَ) إشارة إلى المتخذين (٢) دينهم لعبا ولهوا ، وهو مبتدأ والخبر (الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا) وقوله (لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ) أي ماء سخين (٣) ، خبر ثان لأولئك ، والتقدير أولئك المبسلون ثابت لهم شراب حار (٤) من حميم ، أو مستأنف (وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) بكفرهم.
٧١ ـ (قُلْ) لأبي بكر يقل لابنه عبد الرحمن وكان يدعو أباه إلى عبادة الأوثان (أَنَدْعُوا) أنعبد (مِنْ دُونِ اللهِ) الضار النافع (ما لا يَنْفَعُنا) ما لا يقدر على نفعنا إن دعوناه (وَلا يَضُرُّنا) إن تركناه (وَنُرَدُّ) وأنردّ (عَلى أَعْقابِنا) راجعين إلى الشرك (بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) للإسلام وأنقذنا من عبادة الأصنام (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) كالذي ذهبت به الغيلان ومردة الجنّ ، والكاف في محلّ النصب على الحال من الضمير في نرد على أعقابنا ، أي أننكص مشبهين من استهوته الشياطين ، وهو استفعال من هوى في الأرض إذا ذهب فيها ، كأن معناه طلبت هويه (فِي الْأَرْضِ) في المهمه (حَيْرانَ) حال من مفعول استهوته ، أي تائها ضالا عن الجادة لا يدري كيف يصنع (لَهُ) لهذا المستهوي (أَصْحابٌ) رفقة (يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى) إلى أن يهدوه الطريق. سمّي الطريق المستقيم بالهدى ، يقولون له (ائْتِنا) وقد اعتسف المهمة تابعا للجنّ لا يجيبهم ولا يأتيهم ، وهذا مبني على ما يقال إنّ الجنّ تستهوي الإنسان والغيلان
__________________
(١) البقرة ، ٢ / ٤٨.
(٢) زاد في (ز) من.
(٣) زاد في (ز) حار.
(٤) ليس في (ظ) و (ز) حار.