(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٦) أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) (١٧)
لم يستجب لكم من تدعونه من دون الله إلى المظاهرة على المعارضة لعلمهم بالعجز عنه فاعلموا أنّ ما (١) أنزل بعلم الله أي بإذنه أو بأمره (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) مبايعون (٢) بالإسلام بعد هذه الحجّة القاطعة ، ومن جعل الخطاب للمسلمين فمعناه فاثبتوا على العلم الذي أنتم عليه ، وازدادوا يقينا على أنه منزل من عند الله ، وعلى التوحيد فهل أنتم مسلمون مخلصون.
١٥ ـ (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ) نوصل إليهم أجور أعمالهم وافية كاملة من غير بخس في الدنيا ، وهو ما يرزقون فيها من الصحة والرزق ، وهم الكفار أو المنافقون.
١٦ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها) وحبط في الآخرة ما صنعوه أو صنيعهم ، أي لم يكن لهم ثواب لأنهم لم يريدوا به الآخرة إنما أرادوا به الدنيا وقد وفّي إليهم ما أرادوا (وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي كان عملهم في نفسه باطلا ، لأنه لم يعمل لغرض صحيح ، والعمل الباطل لا ثواب له.
١٧ ـ (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) أمّن كان يريد الحياة الدنيا فمن (٣) كان على بينة (٤) أي لا يعقبونهم في المنزلة ولا يقارنهم ، يعني أنّ بين الفريقين تباينا بيّنا ، وأراد بهم من آمن من اليهود كعبد الله بن سلام وغيره ، كان على بينة من ربّه أي على برهان من الله وبيان أنّ دين الإسلام حق (٥) وهو دليل العقل (وَيَتْلُوهُ) ويتبع ذلك البرهان (شاهِدٌ) يشهد بصحته وهو القرآن (مِنْهُ) من الله ، أو من القرآن ، فقد مرّ ذكره آنفا (وَمِنْ قَبْلِهِ) ومن قبل القرآن (كِتابُ مُوسى) وهو التوراة ، ويتلو ذلك
__________________
(١) في (ظ) و (ز) أنما.
(٢) في (ز) متبعون للإسلام.
(٣) في (ز) كمن.
(٤) زاد في (ز) من ربه.
(٥) سقطت من (ز).