(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١) فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (١٢)
موضع يستعجلون لأنّ استعجالهم كان على وجه الاستهزاء.
٩ ـ (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ) هو للجنس (مِنَّا رَحْمَةً) نعمة من صحة وأمن وجدّة (١) ، واللام في لئن لتوطئة القسم (ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ) ثم سلبنا (٢) تلك النعمة ، وجواب القسم (إِنَّهُ لَيَؤُسٌ) شديد اليأس من أن يعود إليه (٣) تلك النعمة المسلوبة ، قاطع رجاءه من سعة فضل الله من غير صبر ولا تسليم لقضائه (كَفُورٌ) عظيم الكفران لما سلف له من التقلّب في نعمة الله نسّاء له.
١٠ ـ (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) وسّعنا عليه النعمة بعد الفقر الذي ناله (لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي) أي المصائب التي ساءتني (إِنَّهُ لَفَرِحٌ) أشر بطر (فَخُورٌ) على الناس بما أذاقه الله من نعمائه قد شغله الفرح والفخر عن الشكر.
١١ ـ (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) في المحنة والبلاء (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) وشكروا في النعمة والرخاء (أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) يعني الجنة.
كانوا يقترحون عليه آيات تعنتا لا استرشادا لأنهم لو كانوا مسترشدين لكانت آية واحدة مما جاء به كافية في رشادهم ، ومن اقتراحاتهم (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) وكانوا لا يعتدّون بالقرآن ويتهاونون به ، فكان يضيق صدر رسول صلىاللهعليهوسلم أن يلقي إليهم ما لا يقبلونه ويضحكون منه ، فهيّجه لأداء الرسالة وطرح المبالاة بردّهم واستهزائهم واقتراحهم بقوله :
١٢ ـ (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) أي لعلك تترك أن تلقيه إليهم وتبلّغه إياهم مخافة ردّهم له وتهاونهم به (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) بأن تتلوه عليهم ، ولم يقل ضيّق ليدلّ على أنه ضيق عارض غير ثابت لأنه عليهالسلام كان أفسح الناس صدرا
__________________
(١) الجدة بكسر الجيم وضمها الرزق (القاموس ١ / ٢٨١).
(٢) في (ظ) و (ز) سلبناه.
(٣) في (ظ) و (ز) إليه مثل تلك.