(إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٦)
الدنيا بمنافع حسنة مرضية من عيشة واسعة ونعمة متتابعة (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) إلى أن يتوفاكم (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) ويعط في الآخرة كلّ من كان له فضل في العمل وزيادة فيه جزاء فضله لا يبخس منه (١) (وَإِنْ تَوَلَّوْا) وإن تولوا (٢) (فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) هو يوم القيامة.
٤ ـ (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) رجوعكم (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فكان قادرا على إعادتكم.
٥ ـ (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) يزورّون عن الحقّ وينحرفون عنه ، لأنّ من أقبل على الشيء استقبله بصدره ومن ازورّ عنه وانحرف ثنى عنه صدره وطوى عنه كشحه (٣) (لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ) ليطلبوا الخفاء من الله فلا يطّلع رسوله والمؤمنون على ازورارهم (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ) يتغطّون بها ، أي يريدون الاستخفاء حين يستغشون ثيابهم كراهة لاستماع كلام الله كقول نوح عليهالسلام : (جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) (٤) (يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) أي لا تفاوت في علمه بين إسرارهم وإعلانهم ، فلا وجه لتوصّلهم إلى ما يريدون من الاستخفاء ، والله مطّلع على ثنيهم صدورهم واستغشائهم ثيابهم ونفاقهم غير نافع (٥) عنده ، قيل نزلت في المنافقين (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) بما فيها.
٦ ـ (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) تفضلا لا وجوبا (وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها) مكانه من الأرض ومسكنه (وَمُسْتَوْدَعَها) حيث كان مودعا قبل الاستقرار من صلب أو رحم أو بيضة (كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) كلّ واحد من الدواب ورزقها ومستقرّها ومستودعها في اللوح ، يعني ذكرها مكتوب فيه مبيّن.
__________________
(١) زاد في (ز) شيئا.
(٢) في (ظ) و (ز) تتولوا.
(٣) الكشح : ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف ، وطوى كشحه على الأمر أضمره وستره (القاموس ١ / ٢٤٥).
(٤) نوح ، ٧١ / ٧.
(٥) في (ز) نافق.