لا
تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ
مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٦٦)
الْمُنافِقُونَ
وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ
الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٦٧)
وَعَدَ
اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ
فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ)
(٦٨)
(كُنْتُمْ
تَسْتَهْزِؤُنَ) لم يعبأ باعتذارهم لأنهم كانوا كاذبين فيه ، فجعلوا كأنهم
معترفون باستهزائهم وبأنه موجود فيهم حتى وبّخوا بإخطائهم ، موقع الاستهزاء حيث
جعل المستهزأ به يلي حرف التقرير وذلك إنما يستقيم بعد ثبوت الاستهزاء.
٦٦ ـ (لا تَعْتَذِرُوا) لا تشتغلوا باعتذاراتكم الكاذبة فإنها لا تنفعكم بعد ظهور
سرّكم (قَدْ كَفَرْتُمْ) قد أظهرتم كفركم باستهزائكم (بَعْدَ إِيمانِكُمْ) بعد إظهاركم الإيمان (إِنْ نَعْفُ عَنْ
طائِفَةٍ مِنْكُمْ) بتوبتهم وإخلاصهم الإيمان بعد النفاق (نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا
مُجْرِمِينَ) مصرّين على النفاق غير تائبين منه ، إن يعف تعذّب طائفة
غير عاصم.
٦٧ ـ (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ) الرجال المنافقون كانوا ثلثمائة والنساء المنافقات مائة
وسبعين (بَعْضُهُمْ مِنْ
بَعْضٍ) أي كأنهم نفس واحدة ، وفيه نفي أن يكونوا من المؤمنين ،
وتكذيبهم في قولهم ويحلفون بالله إنهم لمنكم ، وتقرير لقوله وما هم منكم ، ثم
وصفهم بما يدلّ على مضادّة حالهم لحال المؤمنين فقال (يَأْمُرُونَ
بِالْمُنْكَرِ) بالكفر والعصيان (وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمَعْرُوفِ) عن الطاعة والإيمان (وَيَقْبِضُونَ
أَيْدِيَهُمْ) شحّا بالمبارّ والصدقات والإنفاق في سبيل الله (نَسُوا اللهَ) تركوا أمره أو أغفلوا ذكره (فَنَسِيَهُمْ) فتركهم من رحمته وفضله (إِنَّ الْمُنافِقِينَ
هُمُ الْفاسِقُونَ) هم الكاملون في الفسق الذي هو التمرد في الكفر والانسلاخ
عن كلّ خير وكفى المسلم زاجرا أن يلم بما يكسبه هذا الاسم الفاحش الذي وصف به
المنافقون حين بالغ في ذمّهم.
٦٨ ـ (وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ
وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) مقدّرين الخلود فيها (هِيَ) أي النار (حَسْبُهُمْ) فيه دلالة على عظم عذابها وأنه بحيث لا يزاد عليه (وَلَعَنَهُمُ اللهُ) وأهانهم مع التعذيب وجعلهم مذمومين ملحقين بالشياطين
الملاعين (وَلَهُمْ عَذابٌ
مُقِيمٌ) دائم معهم في العاجل لا ينفكّون عنه ، وهو ما يقاسونه من
تعب النفاق والظاهر المخالف للباطن خوفا من المسلمين ، وما يحذرونه أبدا من
الفضيحة ونزول العذاب إن اطّلع على أسرارهم.