(فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣) فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ) (٤٦)
ذنوبهم ، فالنفوس تتخشّع عند نزول الشدائد.
٤٣ ـ (فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا) أي هلّا تضرعوا بالتوبة ، ومعناه نفي التضرّع ، كأنه قيل فلم يتضرّعوا إذ جاءهم بأسنا ، ولكنه جاء بلولا ليفيد أنه لم يكن لهم عذر في ترك التضرّع (١) (وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) فلم ينزجروا بما ابتلوا به (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) وصاروا معجبين بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم.
٤٤ ـ (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) من البأساء والضراء ، أي تركوا الاتعاظ به ولم يزجرهم (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) من الصحة والسعة وصنوف النعمة ، فتّحنا شامي (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا) من الخير والنّعم (٢) (أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) آيسون متحسرون وأصله الإطراق حزنا لما أصابه ، أو ندما على ما فاته ، وإذا للمفاجأة.
٤٥ ـ (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي أهلكوا عن آخرهم ولم يترك منهم أحد (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) إيذان بوجوب الحمد لله عند هلاك الظلمة ، وأنه من أجلّ النعم وأجزل القسم ، أو احمدوا الله على إهلاك من لم يحمد الله.
ثم دل على قدرته وتوحيده بقوله :
٤٦ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ) بأن أصمّكم وأعماكم (وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ) فسلب العقول (٣) والتمييز (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ) بما أخذ وختم عليه. من رفع بالابتداء ، وإله خبره ، وغير صفة لإله ، وكذا يأتيكم ، والجملة في موضع مفعولي أرأيتم ، وجواب الشرط محذوف (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ) لهم (الْآياتِ) نكرّرها (ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ) يعرضون عن الآيات بعد ظهورها ، والصّدوف الإعراض عن الشيء.
__________________
(١) زاد في (ز) إلا عنادهم.
(٢) في (ز) والنعمة.
(٣) في (ظ) القلوب.