(إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦) وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٧) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (٣٨)
يشأ أن يجمعهم على ذلك ، كذا قاله الشيخ أبو منصور رحمهالله (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) من الذين يجهلون ذلك.
ثم أخبر أنّ حرصه على هدايتهم لا ينفع لعدم سمعهم كالموتى بقوله :
٣٦ ـ (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) أي إنما يجيب دعاءك الذين يسمعون دعاءك بقلوبهم (وَالْمَوْتى) مبتدأ ، أي الكفار (يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) فحينئذ يسمعون ، وأما قبل ذلك فلا.
٣٧ ـ (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ) هلّا أنزل عليه (آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) كما نقترح من جعل الصفا ذهبا وتوسيع أرض مكة وتفجير الأنهار خلالها (قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) كما اقترحوا (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) إنّ الله قادر على أن ينزّل تلك الآية ، أو لا يعلمون ما عليهم في الآية من البلاء لو أنزلت.
٣٨ ـ (وَما مِنْ دَابَّةٍ) هي اسم لما يدبّ وتقع على المذكر والمؤنث (فِي الْأَرْضِ) في موضع جر صفة لدابة (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) قيّد الطيران بالجناحين لنفي المجاز ، لأنّ غير الطائر قد يقال فيه طار إذا أسرع (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) في الخلق والموت والبعث والاحتياج إلى مدبر يدبر أمر مراشدها (١) (ما فَرَّطْنا) ما تركنا (فِي الْكِتابِ) في اللوح المحفوظ (مِنْ شَيْءٍ) من ذلك لم نكتبه ولم نثبت ما وجب أن نثبت (٢) ، أو الكتاب القرآن ، وقوله من شيء (٣) ، أي من شيء يحتاجون إليه ، فهو مشتمل على ما تعبّدنا به عبارة وإشارة ودلالة واقتضاء (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) يعني الأمم كلّها من الدواب والطيور فينصف بعضها من بعض ، كما روي أنه يأخذ للجمّاء من القرناء ثم يقول كوني ترابا ، وإنما قال إلا أمم مع إفراد الدابة والطائر لمعنى الاستغراق فيهما.
__________________
(١) في (ز) يدبر أمرها.
(٢) في (ظ) و (ز) أن يثبت.
(٣) في (أ) من شيء يحتاجون وهو ارتباك من الناسخ. تفسير النسفي ج ٢ / م ٢