(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٣) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٤) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) (٦٥)
٦٣ ـ (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) قلوب الأوس والخزرج بعد تعاديهم مائة وعشرين سنة (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) أي بلغت عداوتهم مبلغا لو أنفق منفق في إصلاح ذات بينهم ما في الأرض من الأموال لم يقدر عليه (وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) بفضله ورحمته ، وجمع بين كلمتهم بقدرته ، فأحدث بينهم التوادّ والتحابّ وأماط عنهم التباغض والتماقت (إِنَّهُ عَزِيزٌ) يقهر من يخدعونك (حَكِيمٌ) ينصر من يتبعونك.
٦٤ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الواو بمعنى مع ، وما بعده منصوب ، والمعنى كفاك وكفى تبّاعك (١) من المؤمنين الله ناصرا. ويجوز أن يكون في محل الرفع أي كفاك الله وكفاك المؤمنون (٢).
قيل أسلم مع النبي صلىاللهعليهوسلم ثلاثة وثلاثون رجلا وست نسوة ، ثم أسلم عمر ، فنزلت :
٦٥ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) التحريض المبالغة في الحثّ على الأمر من الحرض ، وهو أن ينهكه المرض حتى يشفى (٣) على الموت (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) هذه عدة من الله وبشارة بأنّ الجماعة من المؤمنين إن صبروا غلبوا عشرة أمثالهم من الكفار بعون الله وتأييده (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) بسبب أنّ الكفار قوم جهلة يقاتلون على غير احتساب وطلب ثواب كالبهائم ، فيقلّ ثباتهم ويعدمون لجهلهم بالله نصرته ، بخلاف من يقاتل على بصيرة وهو يرجو النصر من الله.
قيل كان عليهم أن لا يفرّوا ويثبت الواحد للعشرة ، ثم ثقل عليهم ذلك فنسخ وخفّف عنهم بمقاومة الواحد الاثنين بقوله :
__________________
(١) في (ز) أتباعك.
(٢) في (ز) وكفاك أتباعك من المؤمنين.
(٣) أشفى عليه : أشرف (القاموس ٤ / ٣٤٩).