(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١) وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٢) وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٣٣)
كان عليهالسلام يقرأ القرآن ويذكر أخبار القرون الماضية في قراءته ، فقال النضر بن الحارث : لو شئت لقلت مثل هذا ، وهو الذي جاء من بلاد فارس بنسخة حديث رستم وأحاديث العجم فنزل :
٣١ ـ (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) أي القرآن (قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) وهذا صلف (١) ووقاحة لأنّهم دعوا إلى أن يأتوا بسورة واحدة من مثل هذا القرآن فلم يأتوا به.
٣٢ ـ (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا) أي القرآن (هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) هذا اسم كان وهو فصل والحقّ خبر كان. روي أنّ النضر لما قال إنّ هذا إلّا أساطير الأولين قال له النبيّ عليه الصلاة والسلام : (ويلك هذا كلام الله) فرفع النضر رأسه إلى السماء وقال إن كان هذا هو الحقّ من عندك (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) أي إن كان القرآن هو الحقّ فعاقبنا على إنكاره بالسّجّيل كما فعلت بأصحاب الفيل (أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) بنوع آخر من جنس العذاب الأليم ، فقتل يوم بدر صبرا (٢). وعن معاوية أنه قال لرجل من سبأ : ما أجهل قومك حين ملّكوا عليهم امرأة. قال : أجهل من قومي قومك ، قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم حين دعاهم إلى الحق : إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، ولم يقولوا إن كان هذا هو الحقّ فاهدنا له.
٣٣ ـ (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) اللام لتأكيد النفي والدلالة على أن تعذيبهم وأنت بين أظهرهم غير مستقيم لأنك بعثت رحمة للعالمين ، وسنّته أن لا يعذب قوما عذاب استئصال ما دام نبيّهم بين أظهرهم ، وفيه إشعار بأنهم مرصدون بالعذاب إذا هاجر عنهم (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) هو في موضع الحال ، ومعناه نفي الاستغفار عنهم ، أي ولو كانوا ممن يؤمن ويستغفر من الكفر لما
__________________
(١) في (ظ) و (ز) صلف منهم ووقاحة.
(٢) صبرا : أن يحبس ويرمى إلى أن يموت (القاموس ٢ / ٦٦).