فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) (١٩٣)
(الشَّاكِرِينَ) لك ، والضمير في آتيتنا ولنكوننّ لهما ولكلّ من يتناسل من ذريتهما.
١٩٠ ـ (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً) أعطاهما ما طلباه من الولد الصالح السوي (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ) أي جعل أولادهما له شركاء على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، وكذلك (فِيما آتاهُما) أي آتى أولادهما ، دليله (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) حيث جمع الضمير ، وآدم وحواء بريئان من الشرك ، ومعنى إشراكهم فيما آتاهم الله تسيمتهم أولادهم بعبد العزّى وعبد مناف وعبد شمس ونحو ذلك ، مكان عبد الله وعبد الرحمن وعبد الرحيم ، أو يكون الخطاب لقريش الذين كانوا في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم آل قصي ، أي هو الذي خلقكم من نفس واحدة قصي ، وجعل من جنسها زوجها عربية قرشية ليسكن إليها ، فلما آتاهما ما طلبا من الولد الصالح السوي جعلا له شركاء فيما آتاهما حيث سميا أولادهما الأربعة بعبد مناف وعبد العزّى وعبد قصيّ وعبد الدار.
والضمير في أيشركون لهما ولأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك. شركا مدني وأبو بكر ، أي ذوي شرك وهم الشركاء.
١٩١ ـ (أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً) يعني الأصنام (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) أجريت الأصنام مجرى أولي العلم بناء على اعتقادهم فيها وتسميتهم إياها آلهة ، والمعنى أيشركون ما لا يقدر على خلق شيء وهم يخلقون ، لأنّ الله خالقهم ، أو الضمير في وهم يخلقون للعابدين ، أي أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم مخلوق (١) الله فليعبدوا خالقهم ، أو للعابدين والمعبودين وجمعهم كأولي العلم تغليبا للعابدين.
١٩٢ ـ (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ) لعبدتهم (نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) فيدفعون عنها ما يعتريها من الحوادث كالكسر وغيره ، بل عبدتهم هم الذين لا يدفعون عنهم.
١٩٣ ـ (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) وإن تدعوا هذه الأصنام (إِلَى الْهُدى) إلى ما هو هدى ورشاد ، أو إلى أن يهدوكم ، أي وإن تطلبوا منهم كما تطلبون من الله الخير والهدى (لا يَتَّبِعُوكُمْ) إلى مرادكم وطلبتكم ولا يجيبوكم كما يجيبكم الله. لا يتّبعوكم نافع
__________________
(١) في (ظ) مخلوقون ، وفي (ز) مخلوقو.