(وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠) وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٧١)
(يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى) هو حال من الضمير في ورثوا ، والعرض : المتاع أي حطام هذا الشيء الأدنى ، يريد الدنيا وما يتمتّع به منها ، وهو من الدنوّ بمعنى القرب ، لأنه عاجل قريب ، والمراد ما كانوا يأخذونه من الرّشا في الأحكام على تحريف الكلم ، وفي قوله هذا الأدنى تخسيس وتحقير (وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا) لا يؤاخذنا الله بما أخذنا ، والفعل مسند إلى الأخذ ، أو إلى الجارّ والمجرور ، أي لنا (وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ) الواو للحال ، أي يرجون المغفرة وهم مصرون عائدون إلى مثل فعلهم غير تائبين (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ) أي الميثاق المذكور في الكتاب (أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) أي قد (١) أخذ عليهم الميثاق في كتابهم أن لا يقولوا على الله إلّا الصدق ، وهو عطف بيان لميثاق الكتاب (وَدَرَسُوا ما فِيهِ) وقرأوا ما في الكتاب ، وهو عطف على ألم يؤخذ عليهم ، لأنه تقرير فكأنه قيل أخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا ما فيه (وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ) من ذلك العرض الخسيس (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) الرّشا والمحارم (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٢) أنه كذلك ، وبالتاء مدني وحفص.
١٧٠ ـ (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) يمسكون أبو بكر ، والإمساك والتمسيك والتمسّك الاعتصام والتعلّق بشيء (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) خصّ الصلاة مع أنّ التمسّك بالكتاب يشتمل على كلّ عبادة لأنها عماد الدين ، والذين مبتدأ والخبر (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) أي إنّا لا نضيع أجرهم ، وجاز أن يكون مجرورا عطفا على الذين يتقون ، وإنّا لا نضيع اعتراض.
١٧١ ـ (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ) واذكروا إذ قلعناه ورفعناه كقوله (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) (٣) (كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) هي كلّ ما أظلّك من سقيفة أو سحاب (وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) وعلموا أنه ساقط عليهم ، وذلك أنهم أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة لغلظها وثقلها فرفع الله الطّور على رؤوسهم مقدار عسكرهم وكان فرسخا في فرسخ ، وقيل لهم إن قبلتموها بما فيها وألا ليقعنّ عليكم ، فلمّا نظروا إلى الجبل خرّ كلّ رجل منهم ساجدا
__________________
(١) ليست في (ز).
(٢) في مصحف النسفي يعقلون وهو قراءة.
(٣) البقرة ، ٢ / ٦٣ و ٩٣.