(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠))
(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) [١٠] مخففا ومشددا (١) ، أي صحف الأعمال فتحت وبسطت فيقع صحيفة المؤمن في يده وصحيفة الكافر في يده في الأولى مكتوب في جنة عالية في الثانية في سموم وحميم ، وقيل : هي غير صحف الأعمال (٢).
(وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣))
(وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) [١١] أي أزيلت ونزعت عن أماكنها كما ينزع الجلد عن الذبيحة (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) [١٢] بالتشديد والتخفيف (٣) ، أي أوقدت بغضب الله للكافرين ليدخلوها (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) [١٣] أي قربت برحمة الله للمؤمنين ليدخلوها.
(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (١٤))
قوله (عَلِمَتْ نَفْسٌ) جواب جميع (إِذَا) المذكورة ، أي علمت كل نفس ، لأن كل نفس تعلم (ما أَحْضَرَتْ) [١٤] من خير وشر عند ذلك ، وتركت لفظة الكل للمبالغة وهي إظهار براءته من بيان الكثرة ودعوتها ، وتقليل كثير ما عنده ، فجاء بلفظ التقليل ، ففهم منه معنى الكثرة على اليقين ، وهذا باب واسع عنهم ، ومنه قولهم : رب فارس عندي بلفظ التقليل في محل التكثير.
(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩))
والفاء في (فَلا أُقْسِمُ)(٤) جواب شرط محذوف هو إذا كان الأمر كما سمعتم يا أهل مكة فما لكم لا تؤمنون بالقرآن ، وخبره أنا أقسم ف «لا» زائدة (بِالْخُنَّسِ) [١٥] أي التي تخنس ، أي ترجع وتخفى بالنهار وتظهر بالليل (الْجَوارِ) أي النجوم السيارة لأنهن تجرين في السماء (الْكُنَّسِ) [١٦] أي المستترة في منازلها كالظبي المستتر في كناسه ، أي في بيته ، قيل : هي النجوم الخمسة الكبار : زخل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد (٥)(وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) [١٧] أي أقبل بظلامه (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) [١٨] أي استضاء وارتفع ضوءه بطلوع الفجر ، فشبه ذلك بالتنفس مجازا ، وجواب القسم (إِنَّهُ) أى إن القرآن (لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [١٩] على الله وهو جبرائيل عليهالسلام (٦) ، يعني هو ينزله.
(ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١))
(ذِي قُوَّةٍ) أي ذي شدة في قوته لقلع مدائن قوم لوط بجناحه ، قوله (عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) [٢٠] نعت ل (رَسُولٍ) ، أي له منزلة ومكانة عند الله العظيم فمكانته بحسب ممكنه (مُطاعٍ) أي جبرائيل عليهالسلام (٧) ، مطاع يطيعه الملائكة المقربون في السموات يصدرون عن أمره ويرجون إلى رأيه (ثَمَّ أَمِينٍ) [٢١] أي جبرائيل أمين في السماء بما استودعه الله تعالى من تبليغ الرسالة والوحي كما أن محمد صلىاللهعليهوسلم أمين في الأرض بما استودعه جبرائيل عليهالسلام.
__________________
(١) «نشرت» : شدد الشين المكي والبصري والأخوان وخلف ، وخففها الباقون. البدور الزاهرة ، ٣٣٨.
(٢) نقله المؤلف عن الكشاف ، ٦ / ٢١٣.
(٣) «سعرت» : شدد العين المدنيان ورويس وابن ذكوان وحفص ، وخففها الباقون. البدور الزاهرة ، ٣٣٨.
(٤) في ، + وي.
(٥) أخذه المفسر عن البغوي ، ٥ / ٥٢٨ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ٢١٣.
(٦) عليهالسلام ، ح : ـ وي.
(٧) عليهالسلام ، ح : ـ وي.