سورة الزمر
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١))
قوله (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) مضاف إلى المفعول ، مبتدأ ، خبره (مِنَ اللهِ) أي تنزيل جبرائيل القرآن من عند الله (الْعَزِيزِ) المنتقم ممن لا يصدقه (الْحَكِيمِ) [١] في أمره لا كما يقوله المشركون أن محمدا تقوله (١) من تلقاء نفسه.
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢))
قوله (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ) أي ملابسا بالصدق على أنه من عند الله بيان لما في الكتاب المصدر كالعنوان للكتاب ، أي أنزلنا إليك جبرائيل بالكتاب (فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) [٢] أي وحد الله ممحضا له الدين من الشرك والرياء بالتوحيد وتصفية السر.
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣))
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) من الهوى والشرك ومن كل شائبة كدر ليقبله لاطلاعه على الغيوب والأسرار قاطبة وأراد به قومه ، أي وحدوا الله ولا تشركوا به شيئا واعبدوه مخلصين له الدين لتتقربوا (٢) به إليه رحمة لكم لا لأن به حاجة إلى إخلاص عبادتكم ، قوله (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا) مبتدأ ، خبره قالوا مضمرا قبل (ما نَعْبُدُهُمْ) ، أي الكفار الذين اتخذوا (مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أي الهة كالأصنام وعيسى وعزير والملائكة للعبادة قالوا (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا) بالشفاعة (إِلَى اللهِ زُلْفى) أي تقريبا ، ويجوز أن يكون المراد من الذين المعبودين ، والعائد إليه محذوف ، والضمير في (اتَّخَذُوا) للعابدين وإن لم يجز ذكرهم لكونه مفهوما ، وتقديره : والذين اتخذهم الكفار آلهة من دون الله قالوا (ما نَعْبُدُهُمْ) الآية ، لأنهم كانوا إذا سئلوا لم تعبدون غير الله من الأصنام وعيسى وغيره قالوا إنما نعبدهم ليشفعوا لنا ويقربونا عند الله (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) أي بين العابدين والمعبودين أو بين المسلمين والكافرين (فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) من الدين فيدخل المسلمين والكافرين النار (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي) أي لا يرشد إلى دينه وهو الإسلام (مَنْ هُوَ كاذِبٌ) في أن آلهته تقربه وتشفع له (كَفَّارٌ) [٣] بالله لعبادته غيره ، وقيل : بسبب نسبة الولد إليه تعالى (٣).
(لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤))
ثم نزه الله نفسه عن الولد فقال (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى) أي لاختار (مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ) من خلقه ، أي من أشرف (٤) خلقه عنده ولم يخص مريم ولا عيسى بذلك (سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ) أي لا شريك
__________________
(١) تقوله ، و : يقوله ، ح ي.
(٢) لتتقربوا ، ح و : ليتقربوا ، ي.
(٣) ولم أجد له مرجعا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.
(٤) أشرف ، وي : أشراف ، ح.