سورة النجم
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢))
(وَالنَّجْمِ) أي أقسم بالقرآن أو الثريا أو بجميع النجوم ، والعامل في (إِذا هَوى) [١] أقسم ، أي إذا نزل نجوما في عشرين سنة أو إذا غاب وسقط (ما ضَلَّ) أي لم يعدل (صاحِبُكُمْ) أي محمد عن طريق الهداية (وَما غَوى) [٢] أي ما انهمك في الباطل ، نزل السورة حين قال قريش يا محمد تركت دين آبائك وتنطق من تلقاء نفسك (١) ، فقال تعالى ما ترك دين أبيه إبراهيم.
(وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى (٤))
(وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) [٣] أي عن (٢) هوى نفسه ، لأنه كلف باظهار التوحيد ورفع الشرك ونشر شريعة ربه (إِنْ هُوَ) أي ما نطقه بالقرآن (إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) [٤] إليه من السماء لا يتكلم من تلقاء نفسه كزعمكم.
(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى (٧))
(عَلَّمَهُ) أي علم محمدا الموحى ملك (شَدِيدُ الْقُوى) [٥] جمع القوة وهي الطاقة ، أي شديد قواه وهو جبرائيل عليهالسلام وهي قلعه قرى قوم لوط من الماء الأسود بجناحه إلى السماء وتقليبها وصيحته صيحة بثمود فأهلكوا ونفخه (٣) إبليس بجناحه وإلقاؤه في أقصى جبل في الهند لما رأى (٤) أنه يكلم مع عيسى عليهالسلام (ذُو مِرَّةٍ) أي صاحب منظر حسن عري عن الآفات أو ذو قوة لا يضعف عن اتيانه بالوحي من السماء إلى الأرض ، لأن نزوله وصعوده في أسرع وقت من رجعة الطرف ثم طلب رؤيته (فَاسْتَوى) [٦] أي استقام جبرائيل عليهالسلام على صورته الحقيقية فرآه محمد (وَهُوَ) أي جبرائيل (بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) [٧] أي أفق الشمس أو سدرة المنتهى ، قيل : كان ينزل بالوحي في صورة دحية ، ثم أحب رسول الله عليهالسلام أن يراه في صورته التي جبل عليها فاستقر بالأفق فملأها حتى يراه وما يراه أحد من الأنبياء في تلك الصورة إلا محمد ، فانه رآه مرتين في الأرض قد ملأ بين المشرق والمغرب ومرة في السماء لما أسري به عند سدرة المنتهى (٥).
(ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (٨) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩))
(ثُمَّ دَنا) أي قرب جبرائيل إلى محمد عليهماالسلام من الأفق الأعلى فكلما دنا منه انتقص صورته (فَتَدَلَّى) [٨] أي تعلق عليه في الهواء أو زاد في القرب حتى إذا قرب منه ولم يشك أنه جبرائيل عليهالسلام (فَكانَ) أي مقدار مسافة قربه منه مثل (قابَ قَوْسَيْنِ) أي مقدارهما في القرب ، والقوس الذراع ، لأنه يقاس به
__________________
(١) نقله عن السمرقندي ، ٣ / ٢٨٨.
(٢) عن ، ح : ـ وي.
(٣) ونفخه ، وي : ونفخته ، ح.
(٤) رأى ، وي : روي ، ح.
(٥) نقله المفسر عن الكشاف ، ٦ / ٤٧ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٥ / ٢٤٦.