سورة القارعة
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣))
قوله (الْقارِعَةُ) [١] اسم ليوم القيامة لقرعها القلوب بأهوالها (مَا الْقارِعَةُ) [٢] مبتدأ وخبر ، وهما خبر (الْقارِعَةُ) ، أي شيء هي في نفسها ، قوله (وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ) [٣] فيه زيادة تعظيم لها لشدتها ، أي لا علم لك بكنهها.
(يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥))
(يَوْمَ يَكُونُ) ظرف لمضمر بقرينة «القارعة» ، أي يقرع أو اذكر يوم يكون (النَّاسُ) بعد البعث (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) [٤] أي
كالجراد المنتشر يجول بعضهم في بعض ويختلط كالجراد (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [٥] أي كالصوف المندوف لتفرق أجزائها وهي تمر مر السحاب في الهواء.
(فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٧))
قوله (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ) بيان أحوال الخلق بالتفصيل ، يعني أما من رجحت بالحسنات (مَوازِينُهُ) [٦] جمع ميزان (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [٧] أي مرضية في الجنة.
(وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (٩) وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (١٠) نارٌ حامِيَةٌ (١١))
(وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ) أي رجحت بسيئات (مَوازِينُهُ [٨] فَأُمُّهُ) أي أم رأسه (هاوِيَةٌ) [٩] أي ساقطة في النار بأن يطرح فيها منكوسا أو مأواه النار العقيمة ، وسميت (هاوِيَةٌ) لهوي أهل النار فيها مهوى بعيدا ، وقيل : للمأوى أم على التشبيه ، لأن الأم مأوى الولد ومفزعه (١)(وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ) [١٠] أي ما الهاوية ، ثم فسرها فقال (نارٌ حامِيَةٌ) [١١] أي هي نار شديدة الحر ، والهاء في (ما هِيَهْ) للوقف ، أصله ما هي ويحذف عند الوصل ، وقيل يثبت عنده أيضا (٢) لأنها ثابتة في المصحف.
__________________
(١) ولم أجد مرجعا لهذا الرأي في المصادر التفسيرية التي راجعتها.
(٢) «ماهية» : قرأ يعقوب وحمزة بحذف الهاء الساكنة وصلا وإثباتها وقفا ، وغيرهما باثباتها في الحالين. البدور الزاهرة ، ٣٤٧ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٥٠٥.