من العذاب (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [٣٥] على ما خلفوا في الدنيا (١) من المعاصي.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٦))
ثم ذكر المكذبين فقال (٢)(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي بأحكامنا (وَاسْتَكْبَرُوا) أي تعظموا (عَنْها) أي عن الإيمان بها (أُولئِكَ) أي المذكورون (أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) [٣٦] أي دائمون في العذاب بالنار.
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (٣٧))
ثم قال تهديدا بالاستفهام الإنكاري للمفترين عليه (فَمَنْ أَظْلَمُ) أي أي شخص أشد ظلما ، يعني لا أحد أظلم (مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) بشركه (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) أي القرآن (أُولئِكَ) أي المفترون (يَنالُهُمْ) أي يصل إليهم (نَصِيبُهُمْ) أي حظهم (مِنَ الْكِتابِ) أي مما كتب لهم من الرزق أو من العذاب في الدنيا (حَتَّى) هي غاية لما يصل إلى الكفار ، أي يصل إليهم رزقهم أو عذابهم هنا حتى (إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا) أي ملك الموت وأعوانه (يَتَوَفَّوْنَهُمْ) أي حال كونهم يميتونهم بقبض أرواحهم (قالُوا) أي يقول رسلنا الملائكة (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ) أي أين الذي كنتم تعبدونه ، يعني آلهتهم التي عبدوها في الدنيا (مِنْ دُونِ اللهِ) فيدفعوا عنكم الموت (قالُوا) أي الكفار (ضَلُّوا عَنَّا) أي آلهتنا غابوا الآن ، فلم نرهم (وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) أي أقروا عليهم عند الموت (أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) [٣٧] في الدنيا اعترفوا حين لا ينفع بهم الاعتراف.
(قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ (٣٨))
ثم أخبر تعالى عما يقول يوم القيامة (٣) لهؤلاء الكفار بقوله (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ) أي مضت (مِنْ قَبْلِكُمْ) أي يقول لهم الخزنة بأمره تعالى ادخلوا النار في زمرة أمم سبقوكم بالكفر والزمان (مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ) في النار (أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) أي أمة دخلت قبلها في النار لضلالها بها ، لأنها وضعت مذهب الضلالة في الدنيا قبلها كقابيل وولده أو كفرعون وهامان (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا) أي تلاحقوا (فِيها) أي في الدنيا (جَمِيعاً) أي مجتمعة القادة (٤) والأتباع (قالَتْ أُخْراهُمْ) أي أواخر الأمم وهم الأتباع (لِأُولاهُمْ) أي لأجل أوائلهم وهم المتبوعون شكاية عنهم لله تعالى (رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) من الهدى (فَآتِهِمْ) أي أعطهم (عَذاباً ضِعْفاً) أي مضعفا بالازدياد (مِنَ النَّارِ قالَ) الله تعالى (لِكُلٍّ ضِعْفٌ) أي لكل واحد من القادة والأتباع زيادة من العذاب ، لأنهم كانوا ضالين ومضلين (وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) [٣٨] بالتاء والياء (٥) ، أي لا يعلم كل فريق منهم ما للفريق الآخر من العذاب.
(وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٣٩))
(وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ) دخولا أو القادة للأتباع ضللتم كما ضللت (فَما كانَ) أي ليس (٦)(لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) في شيء من الكفر والمعصية ، يعني نحن وأنتم متساوون في الضلالة ، فثم (٧) يقول تعالى لهم (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) [٣٩] من الكفر وترك الإيمان في الدنيا.
__________________
(١) في الدنيا ، ب م : ـ س.
(٢) ثم ذكر المكذبين فقال ، م : ـ ب س.
(٣) يوم القيامة ، م : ـ ب س.
(٤) القادة ، ب س : للقادة ، م.
(٥) «لا تعلمون» : قرأ شعبة بياء الغيب ، والباقون بتاء الخطاب. البدور الزاهرة ، ١١٦.
(٦) أي ليس ، ب س : ـ م.
(٧) فثم ، ب م : ثم ، س.