سورة يوسف
مكية
وفي الخبر : «أن سورة يوسف وسورة مريم يتفكه بهما أهل الجنة في الجنة» (١) ،
وعن ابن عطاء : «لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استروح بها» (٢).
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢))
(الر) أي أنا الله الرقيب على كل شيء (تِلْكَ) أي هذه السورة (آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) [١] أي البين حلاله وحرامه ، من أبان (٣) إذا ظهر أو مبين الحق من الباطل ، من أبان إذا فرق ، نزل حين قالت اليهود لأصحاب النبي عليهالسلام : سلوا صاحبكم عن خبر يوسف وإخوته ونقلهم مع أبيهم يعقوب من كنعان إلى مصر (٤) ، فبين الله تعالى ذلك بقوله (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً) وهو حال موطئة ، فالحال في الحقيقة (عَرَبِيًّا) أو مصدر بمعنى المفعول ، فهو حال و (عَرَبِيًّا) صفته ، أي أنزلنا الكتاب المتضمن خبر يوسف ويعقوب وأولاده في حال كونه قرآنا بلسان العرب ، ف (عَرَبِيًّا) وصف غير لازم للقرآن ، لأنه نسب إلى لغة العرب بعد نزوله على النبي صلىاللهعليهوسلم (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [٢] أي لكي تفهموا ما فيه وتدركوا معانيه فتؤمنوا.
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (٣))
(نَحْنُ نَقُصُّ) أي نبين (عَلَيْكَ) هذا القرآن (أَحْسَنَ الْقَصَصِ) بفتح القاف ، وهو اسم بمعنى المصدر ، من قص أثره إذا أتبعه ، لأن الذي يقص الحديث يتبع ما حفظه شيئا فشيئا ، ويقال قص فلان الخبر علي إذا رأوه على وجهه ، ويروى بالكسر جمع القصة ، أي نخبر لك أفضل أخبار القرون الماضية ، والمراد منه قصة يوسف عليهالسلام ، وإنما كانت أحسنها ، لأنها تضمنت النكت والعبر والحكم والعجائب التي ليست في غيرها مما يصلح للدين والدنيا من سير الملوك والمماليك والعلماء ومعجزات يوسف وأحواله الغريبة وأقواله اللطيفة والصبر على أذى الأعداء ومكر النساء وحسن التجاوز عنهم بعد الالتقاء وغير ذلك ، فنقصها عليك (٥)(بِما أَوْحَيْنا) أي بايحائنا (إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) أي هذه السورة المشتملة على قصة يوسف (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ) أي وإن الشأن قد كنت قبل نزول القرآن (لَمِنَ الْغافِلِينَ) [٣] عن قصة يوسف لم تكن تعرفها ، ف (إِنْ) مخففة واللام فارقة لها من النافية.
(إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤))
قوله (إِذْ قالَ يُوسُفُ) ظرف لفعل مقدر ، و (يُوسُفُ) اسم عبري لا عربي وإلا لا نصرف لخلوه عن سبب آخر سوى العلمية ، أي اذكر وقت قول يوسف (لِأَبِيهِ) يعقوب (يا أَبَتِ) بكسر التاء العوض من ياء الإضافة
__________________
(١) عن خالد بن معدان ، انظر البغوي ، ٣ / ٢٥٤.
(٢) انظر البغوي ، ٣ / ٢٥٤.
(٣) أبان ، ب س : بان ، م.
(٤) نقله المفسر عن السمرقندي ، ٢ / ١٤٩.
(٥) فنقصها عليك ، ب س : ـ م.