الوجه الثاني والعشرون : كيف يجوز من النبيّ صلىاللهعليهوآله أن يفوّض أعظم الأمور إلى غيره ، وهو تولية الإمام ، مع [علوّ] (١) مرتبة هذا الأمر ، فإنّ أعظم المراتب هو النبوّة ، والإمام نائب عنه ، وحاكم [كحكمه] (٢) ، ووال [كولايته] (٣) ، ولا يتولّ الولاية بنفسه ، فكيف يهمل ذلك؟ وهذا يبطل العقد بالاختيار ويوجب إثبات النصّ.
لا يقال : جاز أن تكون المصلحة شرعا في أن يفوّض عليهالسلام اختيار الأئمّة إلى غيره.
لأنّا نقول : نعلم انتفاء المصلحة في ذلك ، بل ثبوت مفاسد كثيرة ، ولو جاز ذلك [جاز] (٤) أن يعلم الله تعالى أن تكون المصلحة في أن يفوّض إلى المكلّفين تعيين الأنبياء.
الوجه الثالث والعشرون : قد أوجب الله تعالى الوصية كما في كتابه (٥) ، وحثّ عليها رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى قال : «من مات بغير وصيّة مات ميتة جاهلية» (٦). فكيف يجوز أن يليق نسبة [النبيّ] (٧) عليهالسلام إلى ترك هذا الواجب المجمع على وجوبه ، المنصوص عليه [في] (٨) القرآن والمتواتر من الأخبار (٩)؟
__________________
(١) في «أ» : (علوم) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) في «أ» : (لحكمه) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «أ» : (لولايته) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) من «ب».
(٥) كقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ ...) البقرة : ١٨٠. وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً ...) البقرة : ٢٤٠. وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ...) المائدة : ١٠٦.
(٦) المقنعة : ٦٦٦. وسائل الشيعة ١٩ : ٢٥٩ ، باب وجوب الوصية على من عليه حقّ ، ح ٨.
(٧) في «أ» : (الإمام) ، وما أثبتناه من «ب».
(٨) زيادة اقتضاها السياق.
(٩) انظر : وسائل الشيعة ١٩ : ٢٥٧ ـ ٢٥٩ ، باب وجوب الوصية على من عليه حقّ.