قال صاحب (روضات الجنّات) : ثمّ إنّ العلّامة أخذ من بعد ذلك بمعونة هذا السلطان المستبصر الرءوف في تشييد أساس الحقّ وترويج المذهب على حسب ما يشتهيه ويريد ، وكتب باسم السلطان الموصوف كتابه المسمّى ب : (منهاج الكرامة) في الإمامة وكتاب (اليقين) ومسائل شتّى ، وبلغ أيضا من المنزلة والقرب لديه بما لا مزيد عليه ، وفاق في ذلك على سائر علماء حضرة السلطان المذكور مثل القاضي ناصر الدين البيضاوي ، والقاضي عضد الدين الإيجي ، ومحمّد بن محمود الآملي ، وغيرهم.
وكان ـ رحمهالله ـ في القرب والمنزلة عند السلطان المذكور بحيث لا يرضى بعد ذلك أن يفارقه في حضر ولا سفر ، بل نقل أنّه أمر لجنابه المقدّس وطلّاب مجلسه الأقدس بترتيب مدرسة سيّارة ذات حجرات ومدارس من الخيام الكرباسيّة ، وكانت تحمل مع الموكب الميمون أينما يسير ، وتضرب بأمره الأنفذ الأعلى في كلّ منزل ومصير (١).
وينقل أنّ ابن تيمية كان من جملة علماء السنة المعاصرين للعلّامة في وقته ، وكان منكرا ومتحاملا على العلّامة في بعض كتبه ، فكتب العلّامة في الردّ عليه أبياتا منها :
لو كنت تعلم كلّ ما علم الورى |
|
طرا لصرت صديق كلّ العالم |
لكن جهلت فقلت : إنّ جميع |
|
من يهوى خلاف هواك ليس بعالم (٢) |
وفاته ومدفنه
كانت وفاته ـ رحمهالله ـ كما ذكر غير واحد من الخاصّة والعامّة بمحروسة الحلّة في ليلة السبت الحادي والعشرين من شهر محرّم الحرام سنة ست وعشرين
__________________
(١) روضات الجنّات ٢ : ٢٨١ ـ ٢٨٢.
(٢) روضات الجنّات ٢ : ٢٨٦. أعيان الشيعة ٥ : ٤٠٧. الدرر الكامنة ٢ : ٧١.