أن تكون موصلة إليه ؛ لامتناع تكليف ما لا يطاق ، ولم يجعل الله تعالى حكم تلك الحادثة منوطا باختيار المكلّف ، بخلاف [الإمامة] (١) عندكم ، فإنّها موقوفة على اختيار العامّة ، فلهم أن ينصّبوا من أرادوا ، ويعزلوا من أرادوا.
الوجه العشرون : ولاية الإمام أعظم الولايات ، فإذا لم تثبت هذه الولاية للعامّة ولا للخاصّة فكيف يملكون إثباتها لغيرهم؟! لا يقال : المثبت لولاية الإمام هو الله تعالى ، فإنّ الإمام إذا أمر غيره أن يولّي أميرا [فولّاه] (٢) فإنّه يكون مضافا إلى الإمام دون من ولّاه.
لأنّا نقول : إذا سلّمتم أنّ الولاية من الله تعالى ارتفع النزاع ، على أنّكم لا تذهبون إلى ذلك ، بل تجعلون الأمر مفوّضا إلى اختيارنا ، وليس إذا وجبت علينا إقامة الرئيس فاخترنا نحن من شئنا ولاية وعزلا يخرج بذلك نصب الإمام عن استناده إلينا.
الوجه الحادي والعشرون : الإمام خليفة الله تعالى ورسوله ، فلو ثبتت إمامته بالاختيار لما كان خليفة لهما ؛ لأنّهما لم يستخلفاه ، ولا يجوز أن يكون [خليفة] (٣) للأمّة ؛ لقول الكلّ : إنّه خليفة الله تعالى ورسوله. وهذا يبطل الاختيار.
لا يقال : إنّه خليفة الله تعالى عند اختيارهم على ما بيّناه (٤).
لأنّا نقول : كيف يكون خليفة الله ولم ينصّ الله عليه ، بل جعله مفوّضا إلى اختيارنا؟ ولو كان بسبب ذلك خليفة الله لجاز أن يبعث الله نبيّا ويجعل الأحكام مستندة إلى اختيارنا ، ويكون بسبب ذلك مستندة إليه تعالى ، وهو باطل قطعا.
__________________
(١) في «أ» : (الأئمّة) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) في «أ» : (فو الله) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «أ» : (خليفته) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) بيّنه في الوجه العشرين من النظر الخامس من البحث السادس من هذه المقدمة.