لأنّا نقول : العامّ إذا خصّ بدليل لا يخرج عن دلالته فيما عدا محلّ التخصيص (١).
الوجه الثامن عشر : لو ثبتت الإمامة بالاختيار لكان لمن يثبتها باختياره أن يبطلها ويزيلها باختياره ، كما في الأمير والقاضي ، وإذا لم يعمل [الاختيار] (٢) في إزالتها علمنا أنّه لا يعمل في ثبوتها.
لا يقال : هلّا كان الأمر فيها كالأمر في ولي المرأة ، أنّه يملك تزويجها ولا يملك فسخ العقد بعد التزويج؟
لأنّا نقول : الفرق ظاهر ، فإنّ الشارع جعل لإزالة قيد النكاح سببا مخصوصا غير منوط بنظر الولي ولا بنظر المرأة ، بل بالزوج ، بخلاف ولاية الإمامة ، فإنّها منوطة باختيار العامّة لمصلحتهم على تقدير ثبوتها به.
الوجه التاسع عشر : لو كان لجماعة أن تولّي الإمام [لكان الإمام] (٣) خليفة لها على نفسها ، وليس للإنسان أن يستخلف على نفسه ، كما ليس له أن يحكم لنفسه ، وهو يبطل الاختيار.
لا يقال : هلّا كان الأمر في ذلك كحدوث حادثة للمجتهد ، فإذا اجتهد وعمل فإنّه لا يكون [ذلك] (٤) حكما لنفسه أو على نفسه ، بل يكون حكما لله وللرسول عليهالسلام بشرط اجتهاده ، وكذلك المختارون إذا اختاروا الإمام؟
لأنّا نقول : الفرق ظاهر ، فإنّ حكم الله تعالى في الحادثة واحد ، وقد أمر المكلّف بإصابته بواسطة النظر في الأدلّة التي نصبها الله تعالى وجعلها علامة عليه ، فإنّها لا بدّ
__________________
(١) انظر : مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ١٢٩. تهذيب الوصول إلى علم الأصول : ١٣٥. اللمع : ٣٠ ـ ٣١. المحصول في علم أصول الفقه ٣ : ٧. روضة الناظر وجنّة المناظر ٢ : ١٥٠ ـ ١٥١.
(٢) في «أ» : (بالاختيار) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) من «ب».
(٤) في «أ» : (كذلك) ، وما أثبتناه من «ب».