الإمام ؛ لأنّه يراد (١) له الأمراء والقضاة وغيرهم ممّن يستعان به في الدين ، ولا يمتنع أن تثبت إمامته بالاختيار.
لأنّا نقول : الإمام أيضا يراد لتعريف الشرع وحفظه وصيانته عن [التغيير] (٢) والتبديل لعصمته ، بخلاف غيره من الأمّة ، ويجب اتّباعه وطاعته والانقياد إلى قوله ، [فلا بدّ] (٣) من أن تثبت إمامته بطريق يؤمن عنده من جواز الخطأ.
الوجه السابع عشر : الصفات المشترطة في الإمام خفيّة لا يمكن الاطّلاع عليها للبشر ، كالإسلام والعدالة والشجاعة والعفّة وغيرها من الكيفيات النفسية ، فلو كان نصبه منوطا باختيار العامّة لكان إمّا أن يشترط العلم بحصولها في المنصوب بالاختيار ، وهو تكليف ما لا يطاق ، أو يشترط الظنّ ، وقد نهى الشرع [عن] (٤) اتّباعه ، قال الله سبحانه وتعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (٥) ، (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) (٦) ، (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) (٧) ، (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (٨) ، وغير ذلك من الآيات الدالّة على النهي عن اتّباع الظنّ ، فكيف يكون طريقا في إثبات مسألة علمية وحكم عامّ يعمّ به البلوى؟!
لا يقال : الشارع قد أمر باتّباع الظنّ في قبول الشهادات والمسائل الفروعية.
__________________
(١) في هامش «ب» : (لما يراد).
(٢) في «أ» و «ب» : (التغيّر) ، وما أثبتناه للسياق.
(٣) في «أ» : (ولا بدّ) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) في «أ» : (من) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) النجم : ٢٨.
(٦) الجاثية : ٣٢.
(٧) الحجرات : ١٢.
(٨) الأحزاب : ١٠.