وإذا (١) حمل المنازع النصّ على ما لا دلالة عليه كان جاحدا له ومنكرا ومعاندا ، ومثل هذا أشدّ إنكارا لاختيار من يعانده في تعيين إمام لا يقول بمقالته ، ولا يذهب إلى معتقده وطاعته.
والأوّل أقرب ، فيكون أولى بالوجوب.
وإن منعت معاندته من وجوب التنصيص كانت أشدّ منعا من الاختيار ، وإذا عاند جماعة كثيرة للمنصوص عليه وفوّضوا [أمرهم] (٢) إلى غيره لم يكن ذلك قادحا في وجوب التنصيص ، إذ لا يلزم من وجوب الشيء العمل به على من وجب عليه ، ولا فرق بين الإمام والنبيّ صلىاللهعليهوآله في ذلك.
وكما لم يجب من عدم اتّباع الكفّار للنبيّ ترك البعثة ، كذلك لا يجب من ترك اتّباع المخالفين للمنصوص عليه ترك النصّ.
ومعارضات أبي الحسين باطلة.
أمّا أوّلا ؛ فلأنّها واردة عليه ، حيث أوجب نصب الإمام لكونه لطفا.
وأمّا ثانيا ؛ فلورودها على جميع التكاليف ، فإنّ الناس لو خلقوا معصومين كانوا إلى الصلاح أقرب ، ومع ذلك كلّه لا يجب فعله ، ويلزم من ذلك سقوط التكاليف ، إذ مع عدمها يكون الناس إلى الصلاح أقرب ، وهو باطل ، كما أنّ المصلحة اقتضت التكليف ومشقّته ، كذلك الإمامة.
الوجه السادس عشر : لو جاز أنّ تثبت الإمامة بالاختيار لجاز أنّ تثبت به النبوّة ؛ لاشتراكهما في جميع المصالح المطلوبة منهما. والتالي باطل قطعا ، فكذا المقدّم.
لا يقال : الفرق أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله يتلقّى منه المصالح الشرعية ، فلا بدّ من أن تثبت نبوّته بطريق يؤمن عنده من جواز الخطأ عليه والكتمان والتغيير ، وليس كذلك
__________________
(١) في «ب» : (إذا) بدل : (وإذا).
(٢) في «أ» : (أمره) ، وما أثبتناه من «ب».