فعدم إتيان الإمام بالقبيح إمّا لعدم القدرة عليه ، وهو باطل ؛ لوجود القدرة. [أو] (١) للعلم بقبحه وانتفاء الداعي ، وهذا العلم إذا لم يكن الإمام معصوما [ساوى] (٢) فيه غيره من [المجتهدين] (٣) ، ولو زاد عليهم لكان تلك الزيادة لا يطّلع عليها إلّا الشاذّ النادر.
وداعي الشهوة موجود متحقّق تساوى فيه غيره ، وعدمه أمر خفي لا يطّلع عليه أحد في الأغلب.
وأمّا الصارف فليس إلّا التكليف والقوّة العقلية ، ولا مدخل لها عند الأشاعرة (٤) ، ولا يفي أيضا بمنع القوّة الشهوية ؛ إذ لو صلحت الصارفية التامّة دائما كان معصوما ، وصارفية التكليف لا يكفي في غير المعصوم ، وإلّا لم يجب نصب الإمام ، ولمساواته غيره.
وأيضا : فلأنّ ذلك الصارف إمّا أن يجب تحقّقه دائما ، أو لا.
والأوّل يستلزم كونه معصوما مع أنّه خلاف الإجماع.
والثاني لا يصلح في الأغلب لسائر المكلّفين العلم بحصوله ، وهو ظاهر أيضا ، فإنّ الإمام إذا لم يكن معصوما لم يحصل الجزم بثبوت الصارف ؛ لأنّ البحث في الصارف التامّ.
__________________
(١) من «ب».
(٢) في «أ» و «ب» : (تساوى) ، وما أثبتناه للسياق.
(٣) في «أ» : (المجتهد) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) وذلك لأنّ الأشاعرة يذهبون إلى إثبات الجبر في الأفعال ، أي أنّ العباد مكتسبون لا خالقون ، وما وقع من أفعالهم ليس تحت اختيارهم ، وأنّه لا تأثير لقدرة العبد في مقدوره أصلا. انظر : قواعد العقائد ٧٤. تلخيص المحصّل : ٣٢٥. قواعد المرام في علم الكلام : ١٠٧. مناهج اليقين في أصول الدين : ٢٣٥ ، ٢٤٠. كتاب تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل : ٣٤١ ـ ٣٤٢. كتاب أصول الدين : ١٣٣ ـ ١٣٤. كتاب المحصّل : ٤٥٥ ـ ٤٥٨.