والمتوهّمة بشيئين :
[الأوّل] (١) : ما يتذاكرانه.
الثاني : ما [يتأدّى] (٢) إليهما من الحواس الظاهرة تارة إلى ما يلائمهما (٣) ، فيتحرك إليه حركات مختلفة حيوانية بحسب تلك الدواعي ، ويستخدم القوّة العاقلة في تحصيل مراداتها ، فتكون هي أمّارة يصدر عنها أفعال مختلفة المبادئ ، والعقلية مؤتمرة عن كره ، مضطربة.
أمّا إذا منعتها القوى العقلية عن التخيّلات والتوهمات والإحساسات والأفاعيل المثيرة للشهوة والغضب ، وأجبرتها على ما [يقتضيه] (٤) العقل العملي (٥) ، بحيث صارت تأتمر بأمره وتنتهي بنهيه ، ولا يصدر منها ما تقتضيه القوّة الغضبية والشهوية من الفساد ، كانت العقلية مطمئنّة ، لا يصدر عنها أفعال مختلفة المبادئ ، وباقي القوى بأسرها مؤتمرة مسالمة لها.
وبين الحالتين حالات بحسب استيلاء إحداهما على الأخرى ، تتبع الحيوانية فيها أحيانا هواها عاصية للعاقلة ، ثمّ يندم فتلوم نفسها وتكون لوّامة. وقد جاء في القرآن الحكيم تسمية هذه النفس بهذه الأسامي (٦).
__________________
(١) من «ب».
(٢) في «أ» : (يتذاكر) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «ب» : (يلائمها) بدل : (يلائمهما).
(٤) في «أ» : (يقتضي) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) العقل العملي : هو الذي يستنبط للنفس آراء جزئية هي مبادئ الأفعال ـ اختيارية صناعية أو غير صناعية ـ من آراء كلّية هي قضايا أوّلية أو مشهورة أو تجربية ، وتصير الآراء الجزئية مبدأ لإرادة أفعال جزئية وملكات وأحوال بحسبها تصدر الأفعال عن الآلات البدنية. رسالة النفوس الأرضية (ضمن تلخيص المحصّل) : ٥٠٠.
(٦) فقد جاء لفظ (اللّوامة) في قوله تعالى : (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (القيامة : ٢). وجاء لفظ