إذا (١) عرفت ذلك فنقول : قد ظهر ممّا تحقّق أنّ النفس المطمئنّة هي التي لا يصدر منها ذنب أصلا والبتة ، واعتقاداتها صحيحة يقينية من باب العقل المستفاد ، فيجب أن يكون نفس الإمام من هذه ؛ لأنّ هذا القسم موجود وقد جاء التنزيل به (٢) ، فيستحيل أن يكون [غيره] (٣) الإمام مع وجوده. ولأنّ الإمام في كلّ عصر واحد خصوصا في غير المعصوم.
وفائدة الإمام منع النفسين الأخريين عن متابعة القوى الحيوانية ، وحملهما على مطاوعتهما للقوة العقلية العملية في كلّ وقت ، فلو كانت نفسه من إحدى النفسين ـ إمّا الأولى أو الثانية ـ لكانت في حال غلبة القوّة الحيوانية على نفسه لا يحمل النفسين الأخريين على مطاوعة القوّة العقلية ، فيخلو ذلك الزمان عن فائدة الإمام ، وهو يناقض ما ذكرناه (٤) من وجوب حصول فائدته في كلّ زمان ؛ لاستحالة الترجيح من غير مرجّح ، ووجود المقتضي في كلّ وقت.
وأيضا : فإنّ هذا ليس في زمان واحد ، بل في أزمنة متعدّدة ، وإذا جاز خلوّها عن [فائدة الإمام وغايته جاز خلوّها عن] (٥) الإمام ؛ إذ انتفاء غاية الشيء يوجب [تجويز] (٦) انتفائه ، فيجوز في كلّ زمان ؛ لاستحالة الترجيح من غير مرجّح ، هذا خلف.
__________________
(أمّارة) في قوله تعالى : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) (يوسف : ٥٣). وجاء لفظ (المطمئنّة) في قوله : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (الفجر : ٢٧).
(١) في «أ» زيادة : (لم) بعد : (إذا) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٢) كما في قوله تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) (الفجر : ٢٧ ـ ٢٨).
(٣) من «ب».
(٤) تقدّم في الوجه السادس والعشرين من المائة الأولى.
(٥) من «ب».
(٦) كلمة غير مقروءة في «أ» ، وما أثبتناه من «ب».