المقدورات ـ أمرا لغرض كهذا ، فعله للتقريب والتبعيد ، وهو ليس بعامّ ولا يحصل منه ما يحصل من [المعصوم ، وهو عامّ ويحصل منه ما يحصل من] (١) هذا ، وهذا موقوف على المعصوم أيضا ، وجب في الحكمة أن يفعل نصب المعصوم أيضا ، وهو المطلوب ، فإنّ الحكيم إذا قصد تحصيل غرض فعل ما يتوقّف عليه قطعا.
الخامس والثلاثون : أنّ هذه المنافع وهذه الشفقة ـ وهو دعاء الرسول بلين وعفوه واستغفاره ـ أمر عظيم ورحمة تامّة لا يجوز تخصيص البعض بها دون البعض ، فيجب ذلك في كلّ عصر ، ويستحيل من الرسول ؛ لأنّه خاتم الأنبياء ، فلا يأتي نبيّ غيره ، ولم يحصل البقاء الدائم في الدنيا ، فلا بدّ من قائم مقامه متيقّن متابعته له في أفعاله عليهالسلام ، وليس ذلك إلّا المعصوم ، فيجب في كلّ عصر.
السادس والثلاثون : قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (٢).
وجه الاستدلال به أن نقول : النفس الناطقة لها قوّتان : نظرية ، وعملية.
ولها في كلّ منهما مراتب في الكمال والنقصان.
أمّا النظرية فمراتبها أربع :
الأولى : العقل الهيولاني ، وهو الذي من شأنه الاستعداد المحض.
الثانية : العقل بالملكة ، وهو الذي من شأنه إدراك المعقولات الأولى ، أعني البديهية والعلوم الضرورية.
الثالثة : العقل بالفعل ، وهو الذي من شأنه إدراك المعقولات الثانية ، أعني العلوم الكسبية.
الرابعة : العقل المستفاد ، وهو حصول [المعقولات] (٣) اليقينية والعلوم مشاهدة عندها كالصورة في المرآة ، وهي غاية الكمال في هذه القوّة ، وإليه أشار أمير
__________________
(١) من «ب».
(٢) آل عمران : ١٥٩.
(٣) في «أ» و «ب» : (العقود) ، وما أثبتناه للسياق.