الرحمة التامّة والفضل العظيم وإرادة المنافع علّة في نصب الإمام المعصوم الذي قد بيّنّا وجوبه (١).
ولأنّه أثبت أحد معلولي الرحمة والشفقة وإرادة التقريب من الطاعة والتبعيد عن المعصية ، فثبت الآخر الذي هو نصب الإمام المعصوم الذي لا يتمّ فائدة ذلك إلّا به.
لا يقال : فرق بين الحسن والقبح ، فإنّ فاعل الحسن [لحسنه] (٢) لا يلزم منه أن يأتي [بكلّ] (٣) حسن ، وتارك القبيح لقبحه يلزم منه ترك كلّ قبيح ، فإنّ أكل الرمان [لحموضته] (٤) لا يلزم منه أكل كلّ حامض ، بخلاف تاركه لحموضته. بل قد وقع في الثاني نزاع بين [المتكلّمين] (٥) (٦) ؛ ولهذا اختلفوا في صحّة التوبة عن قبيح دون قبيح.
والأوّل أولى ، والله تعالى فعل ذلك وأمر به لحسنه ، فلا يلزم فعل كلّ حسن من هذا النوع ، فلا يلزم من ذلك نصب الإمام المعصوم.
لأنّا نقول : بل يلزم هذا ، فإنّه إذا فعل الحسن لحسنه الذي هو غير واجب لزم منه فعل الواجب ، والله تعالى حكيم ، وقد بيّنّا وجوب نصب الإمام عليه (٧). وهذه الأمور من باب الأصلح ، وقد فعلها مع حكمته وعنايته ، وترك الواجب هذا محال صدوره من حكيم حكمته لا تتناهى.
وأيضا : فإنّه إذا فعل الحكيم في الغاية ـ العالم بكلّ المعلومات ، القادر على كلّ
__________________
(١) بيّنه في النظر الأوّل من البحث السادس من المقدّمة.
(٢) كلمة غير مقروءة في «أ» ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «أ» : (كلّ) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) في «أ» : (لخصوصية) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) في «أ» : (المكلّفين) ، وما أثبتناه من «ب».
(٦) انظر : تجريد الاعتقاد : ٣٠٦. قواعد المرام في علم الكلام : ١٦٩. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٤٤٥ ـ ٤٤٦. مناهج اليقين في أصول الدين : ٣٦٢. شرح الأصول الخمسة : ٥٣٩.
(٧) بيّنه في النظر الرابع من البحث السادس من المقدمة.