تنبيهان
الأوّل : إذا تمكّن في مسألة من تحصيل الحجّة على الحكم ـ علما كان أو علميّا ـ وجب عليه ذلك ، ولم يكن له ترك ذلك والاقتصار على المظنّة ؛ إذ بمجرّد هذا التمكّن تخرج تلك المسألة عن حكم دليل الانسداد ، ولم تؤثّر فيها مقدّماته.
نعم ، تقوية الظنّ غير واجب إذا تمكّن ؛ لأنّ عمله على كلّ حال يكون على طبق هذا الظنّ. وكذا لا يجب عليه إزالة ظنّه إذا تمكّن ؛ لأنّ عمله بالظنّ مطابق للاحتياط. وإنّما الواجب تحصيل الظنّ إذا تمكّن واحتمل انقلاب وهمه أو شكّه إلى الظنّ إذا تفحّص ، إلّا أن يحتاط في مورد الاحتمال فليسترح بذلك عن تعب الفحص.
وحاصل الكلام : أنّ تحصيل الصارف عمّا يقتضي الاحتياط أو تقوية ما يقتضيه غير لازم ، وإنّما اللازم تحصيل الصارف عمّا لا يقتضي الاحتياط إلى ما يقتضيه.
الثاني : إذا ظنّ بحكم لم يكن بدّ من تحصيل القطع بالفراغ عمّا ظنّ ، وهل يكفي الظنّ في مقام تفريغ الذمّة ؛ معتذرا بأنّ أصل الحكم ظنّي فالقطع بالفراغ عن الحكم المظنون ظنّ بالفراغ عن الحكم الواقعي؟
الظاهر : لا ؛ وذلك من جهة أنّ الواقع ـ على تقدير كونه في المظنونات ـ فعلي لا يعذّر فيه المكلّف. وفي متن هذا التقدير لو اتّفق أن لم يتحقّق الامتثال لم يعذّر فيه المكلّف ، فيجب سدّ باب هذا الاحتمال الكائن في ذاك التقدير بتحصيل الامتثال القطعي لما ظنّه من الحكم.
ليس اعتبار القطع في الأصول الاعتقاديّة إلّا على وجه الموضوعيّة ، والقطع فيها معروض للوجوب ، فلا يتنزّل من القطع هناك إلى الظنّ إذا تمّت مقدّمات الانسداد فيها. وإنّما كان التنزّل من القطع إلى الظنّ كالتنزّل من الواجب إذا تعذّر إلى أجنبي في أنّه لا وجه له ، بل اللازم سقوط الواجب من غير بدل إلّا أن يكون غير الواجب من مراتب الواجب فتقتضيه قاعدة الميسور.
وإذ جرى ذكر الأصول الاعتقاديّة فلا بأس بذكر الواجب منها كمّا وكيفا ، وإن كان أجنبيّا عن المقام ، ونقتصر في ذلك على ذكر الأخبار (١) ليكون ختامه مسكا. ولنشر إلى موارد تطلّبه
__________________
(١). لكنّه قدس سرّه تبدّل رأيه بعدم ذكر الأخبار هنا ولذا حذفها بعد أن أثبتها.