[الجهة] الأولى : في عموم النتيجة من الجهات الثلاث وخصوصها.
فاعلم أنّه على المختار من اعتبار الظنّ من باب الحكومة لا يعقل إهمال النتيجة ؛ لأنّ الحاكم لا يخفى عليه حكمه ، وإنّما يعتري الخفاء لشخص بالنسبة إلى حكم آخر لجهله بمناط حكمه. فإذا بطل الإهمال بقي احتمالا الإطلاق والتقييد ، والصواب منهما هو الأوّل لكن بالنسبة إلى المراتب والأسباب ، والثاني بالنسبة إلى الموارد ؛ فإنّ الواجب في حكم العقل عند فقد الإطاعة القطعيّة هو الإطاعة الظنيّة ـ من أيّ سبب كان الظنّ ، وفي أيّة مرتبة كانت ـ إلّا أن يلزم من الاحتياط في جميعها العسر ، فيرفع اليد عن بعضها مراعيا في ذلك الأضعف فالأضعف حتّى يبلغ إلى ما لا يلزم في احتياطه العسر.
نعم ، العقل يراعي مع ذلك الاحتياط في الأحكام المهمّة ـ ولو كان احتمالها وهميّا أو شكّيّا ـ فيلحقها بالمظنونات. بل ربّما يقدّم احتياطها على الاحتياط في المظنونات إذا كان هناك دوران.
وأمّا على مسلك الكشف فالإطلاق ثابت من كلّ الجهات الثلاث ، ولا وجه لدعوى الإهمال في كلّ هذه الجهات ؛ فإنّ قضيّة المقدّمات أنّ الشارع لم يترك الناس سدى يوم الانسداد ، بل نصب لهم طريقا يسلكونه وملجأ ما يلتجئون إليه ؛ فإنّ الإهمال ينافي هذا.
ودعوى الإهمال ثمّ الالتجاء إلى ترتيب مقدّمات انسداد آخر لتعيين هذا المهمل كانت نتيجتها اعتبار المظنّة على وجه الحكومة يشبه الأكل من القفاء ؛ فإنّه لو جاز الإهمال وعدم نصب الشارع طريقا واصلا فليجز الإهمال بترك النصب رأسا ، وإن لم يجز هذا لم يجز ذلك ، فما هو الباعث إلى النصب باعث إلى النصب الواصل ، لا النصب كيفما كان.
وعلى ما ذكرناه ، فإذا لم يكن ما بأيدينا من الأسباب أيضا بين مراتب المظنّة ما هو متيقّن الحجّيّة الوافي بالفقه عمّت النتيجة الجميع ، وحصل القطع بأنّ الشارع اعتبر الجميع من غير فرق بين الأسباب والمراتب والموارد ، وإلّا اقتصر على ما هو المتيقّن.
[الجهة] الثانية : في عموم النتيجة وخصوصها من جهة الظنّ بالواقع والظنّ بالطريق.
فاعلم أنّ مصبّ المقدّمات وإن كان هو الفروع لكنّ نتيجتها تعمّ الأصول ؛ وذلك أنّ همّ العقل تفريغ الذمّة والخروج عن العهدة كان ذلك بإتيان الواقع ، أو كان ذلك بالعمل على طبق ما جعل حجّة على الواقع من غير فرق بينهما ، فكما هما سواء في العقل مع الانفتاح كذا