إذ فرضنا أنّ تكاليف أداء حقوق الناس أهمّ من التكاليف المتمحّضة في كونها حقّا لله تعالى ، فليختر للفعليّة تلك التكاليف ، فيجب علينا الاحتياط التامّ في أطرافها ، ثمّ من بعد ذلك لو فرضنا أنّ الأهمّ من البقيّة تكاليف باب الصلاة فليحتط في تلك أيضا ، وهكذا حتّى ينتهي إلى ما يلزم العسر من الاحتياط فيه ، فيترك الاحتياط حينئذ رأسا.
فكانت نتيجة التزاحم بين التكاليف في احتياطها ـ بأن تعسّر أو تعذّر الاحتياط التامّ في جميعها ـ نتيجة التزاحم بين التكاليف في ذاتها. فيختار للفعليّة الأهمّ فالأهمّ ، ثمّ يحتاط فيها احتياطا تامّا ، ثمّ يترك ما سوى ذلك رأسا.
ولو تنزّلنا عن هذا وقلنا بمقتضى المقدّمات فنتيجتها التنزّل من الإطاعة القطعيّة إلى أحد الأمرين من الأخذ بالأقوى من التكاليف ـ احتمالا ومحتملا ـ ثمّ الأقوى حتّى ينتهي إلى ما يلزم من احتياطه المحذور. يعني يراعي في الاحتياط جانب الاحتمال الأقوى فالأقوى والتكليف الأهمّ فالأهمّ ، فيحتاط في الشعبتين في عرض واحد من غير وجه للاقتصار في الاحتياط على المظنونات مع إمكان ضمّ شيء من قبيليه إليه ، ومن غير وجه لتعيّن الاحتياط في المظنونات وترك المشكوكات أو الموهومات ذات الأهمّيّة ، بل ربما يكون رعاية جانب قوّة المحتمل لقوّة أهميّته أولى من رعاية جانب قوّة الاحتمال ، فيتعيّن حينئذ الاحتياط في المشكوكات أو الموهومات ذات الأهمّيّة ، وترك الاحتياط في المظنونات التي لا بتلك المثابة. لكنّ ذلك إذا دار الأمر بينهما ، وإلّا فيحتاط في كلتا الشعبتين.
ولو تنزّلنا عن هذا أيضا والتزمنا بالمقدّمات بما ذكر لها من النتيجة ، فالبحث يقع في أنّ النتيجة هل هي مطلقة من حيث أسباب الظنّ ومراتبه وموارده ، أو مقيّدة من جميع هذه الجهات أو بعضها ، أو مهملة كذلك؟
وأيضا هل النتيجة مطلقة من حيث الظنّ بالواقع والطريق ، أو مقيّدة بأحدهما؟ وهل نتيجة المقدّمات اعتبار الظنّ على وجه الكشف أو الحكومة؟ وعلى تقدير الحكومة كيف يعقل خروج القياس من النتيجة ، مع أنّها حكم عقلي غير قابل للتخصيص؟.
ويلحق الكلّ الكلام في الظنّ المانع والممنوع وسائر اللواحق.
فهنا جهات من الكلام :