مشروطا بأن لا يسبق منه العمل الناقص ، فيكون مقصّرا في تفويته للشرط مع عدم القدرة على تحصيله بالإعادة ، لكنّ الاشتراط المذكور باطل ؛ لأنّه إن كان من قبيل شرط الوجوب لم يكن تقصير في تركه ولا خطاب بالواقع عند فقده ، فما معنى العقاب؟! وإن كان من قبيل شرط الواجب لم يعقل أن يؤخذ في موضوع الخطاب ؛ فإنّ الجهل بالحكم كالعلم به لا يعقل أن يؤخذ في متعلّق نفس ذلك الحكم ؛ فإنّ الانقسام بالعلم والجهل متأخّر عن الحكم فكيف يؤخذ في موضوعه السابق عليه؟!
فلا مخلص من إعذار الجاهل بالحكم في المسألتين كإعذار الجاهل بالموضوع عموما ، بل لو لا الإجماع أعذرنا الجاهل بالحكم أيضا عموما.
[شرط إجراء البراءة]
تختصّ البراءة الشرعيّة من بين سائر الأصول بشرط وهو أن تكون تسهيلا على العباد ؛ لتكون موافقة للمنّة عليهم ، فلو كانت في مورد تشديدا لم تجر. وهذا الشرط وإن لم يقع التصريح به في الأدلّة إلّا أنّه يفهم من بعضها ، انظر إلى حديث الرفع وقصر الرفع فيه بالأمّة وموارد التشديد.
وكون الأصل على خلاف المنّة لا تدخل تحت الحصر ، ولكنّا نذكر موردين من تلك الموارد كي يكون أنموذجا للبقيّة.
الأوّل : ما إذا كانت البراءة وعدم الإلزام الأعمّ من الواقعي والظاهري موضوعا لحكم إلزامي آخر بحيث لو حكم بنفي الإلزام ترتّب ذلك الحكم الإلزامي الآخر ، فلمكان انتهاء الحكم بالبراءة إلى الحكم بالإلزام يكون الحكم بالبراءة على خلاف المنّة ، ولأجله يتوقّف عن الحكم بالبراءة. والحكم بالبراءة مع عدم ترتيب ذلك الحكم الإلزامي طرح لعموم دليل ذلك الحكم من غير وجه.
ودعوى أنّ عموم دليل ذلك الحكم معارض بعموم دليل البراءة وبعد التساقط يرجع إلى حكم العقل بالبراءة ، محجوجة بمنع التعارض ؛ إذ بمجرّد عموم دليل ذلك الحكم تكون البراءة على خلاف الامتنان ، وتخرج عن عموم دليلها تخصّصا.