بصورة واحدة ، هي صورة مخالفة العمل للواقع والحجّة على الواقع جميعا ؛ لاستناد فوت الواقع حينئذ إلى تقصير العبد.
نعم ، هذا إذا كان الجهل عن تقصير وإلّا فلا عقاب ، بل كان مجرّد فساد العمل. ولا فرق في الجاهل المقصّر بين أن تطرأ عليه الغافلة حال العمل أو لا ؛ فإنّ الغافلة إذا استندت إلى التقصير لم تخرج عن التقصير إلّا أن يكون منشأ الغافلة ترك التعلّم ، بل كان يغافل وإن تعلّم كمن كان غالبا عليه النسيان.
ثمّ إنّه استثني من بطلان عمل الجاهل إذا خالف الواقع عمل الجاهل في القصر والإتمام ، والجاهل في الجهر والإخفات.
نعم ، يعاقبان كغيرهما على ترك الواقع ، وإن علما في الوقت وأرادا العمل طبق الواقع فإنّه لا تجب الإعادة ، بل لا تجدي ، وكانت الإعادة لغوا ، ومع ذلك يعاقب على ترك الواقع.
ومن هنا جاء الإشكال في المسألتين ، فإنّه كيف يعاقب مع صحّة العمل ، بل كيف ينهى عن الإعادة في الوقت ثمّ يعاقب على ترك الواقع؟! إذ كان له تأخير العمل والتعلّم إلى مثل هذا الوقت ولم يصنع هنا إلّا أن أتى بعمل ناقص فليكن هذا العمل لغوا ، فلم ينهاه عن الإتيان طبق الواقع ، ثمّ يعاقبه على ترك الواقع.
وقد تفصّي عن الإشكال بما لا يخلو عن تكلّف ، وحاصله : أنّ العمل الناقص الذي أتى به جهلا ليس لغوا محضا كما إذا أتى به علما ، بل مشتمل على مقدار من مصلحة الواقع. نعم ، مفوّت لمقدار آخر جاعله غير ممكن التدارك ، وإن أعيد العمل طبق الواقع فبما أنّ العمل المشتمل على مقدار من مصلحة الواقع متّصف بالصحّة ، وبما أنّه مفوّت لمقدار آخر منها ملزوم وجاعله غير ممكن التدارك مسقط للإعادة ، وأيضا مستتبع للعقاب ، فتمّت الأمور الثلاثة والتأمت.
ويردّه : أنّ الفعل إذا كان مفوّتا للواجب اتّصف بالمبغوضيّة ، ومعه كيف يقع صحيحا؟! بل كان قصد التقرّب به كقصده بالحرام.
وأمّا عقابه على الواقع مع سعة الوقت لتداركه فهو إنّما يتصوّر إذا كان التكليف بالواقع