والتبعيض ، والتبعيض هو المتعيّن.
ولا يشكل بأنّ «ما» حينئذ تكون موصولة بلا عائد ، وأصالة عدم تقدير العائد تقتضي أن تكون مصدريّة ، ويلزمها كون «من» زائدة ؛ فإنّ تقدير الضمير ليكون مفعول «استطعتم» لازم على كلّ حال ، مع أنّ تقدير العائد شائع ، وهو أهون من حمل «من» على الزيادة.
ثمّ اعلم أنّ النبوي بإطلاقه يشمل كلّا من الجزء والجزئي ؛ فإنّ معنى التبعيض حاصل فيهما جميعا ، وكون مورد الرواية من قبيل الثاني لا يوجب القصر به.
ومنها : العلويّان : «الميسور لا يترك بالمعسور» (١) و «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» (٢).
ويظهر تقريب الاستدلال ممّا تقدم في النبويّ ، بل هما أوضح دلالة منه ؛ لعدم تأتّي البيانيّة هنا ، وإطلاقهما كإطلاق النبوي يشمل كلّا من أجزاء الواجب وأفراده ، بل ويشمل الميسور من الواجبات غير المرتبطة بعضها ببعض إذا تعسّر بعضها.
وقد يشكل بأنّ إطلاقهما للمستحبّات يقتضي حملهما على الاستحباب ، أو جنس الطلب القدر المشترك ، أو لا أقلّ من الإجمال المسقط لهما عن قابليّة الاستدلال.
ويدفع بأنّ ظهورهما في الوجوب يقيّد إطلاق مادّتهما بالواجبات ، بل التحقيق منع دلالتهما على الطلب فضلا عن الإيجاب ، ومع ذلك يستدلّ بهما في كلّ من الواجبات والمستحبّات ؛ فإنّ مؤدّى الفقرتين عدم سقوط الميسور عمّا كان عليه أوّلا من وجوب واستحباب أو غيرهما من أحكام الوضع.
ثمّ إنّ إطلاق الروايتين يشمل كلّ ميسور من المركّب ولو كان جزء يسيرا. ودعوى أنّ الميسور من المركّب لا يطلق إلّا إذا كان معظم أجزائه ميسورا ، يدفعها : أنّ معسورها أيضا على هذا لا يطلق إلّا إذا كان معظم أجزائه معسورا فيحصل التدافع بين الكلمتين.
وهل يصدق الميسور من المركّب على المشروط إذا تعذّر شرطه كالرقبة الكافرة إذا تعذّر قيد الإيمان؟ الظاهر العدم ؛ فإنّ ذلك فيما إذا لم يتقيّد الفاقد بقيد مباين كما في المثال ، وأولى بعدم الصدق صدقه على الطبيعة إذا تعذّرت الخصوصيّة المنوّعة أو المصنّفة أو المشخّصة الدخيلة في الواجب.
__________________
(١) عوالي اللئالي ٤ : ٥٨ مع تفاوت يسير.
(٢) نفس المصدر.