بالقطع ـ وهو التكليف بالمجموع ـ تنتج نتيجة دخل الجزء أو القيد المتعذّر أو المنسيّ في أصل المطلوب ، فلا يبقى بعده طلب. ولا دافع لهذا الأصل إلّا أحد أمور ثلاث :
الأوّل : أن تكون نتيجة دليل رفع النسيان وما اضطرّوا منضمّا إلى أوامر المركّبات هو وجوب ما عدا الجزء المنسيّ والمتعذّر في هذا الحال.
وقد استنتجوا بالأمس من ضمّ دليل «رفع ما لا يعلمون» إلى أدلّة أوامر المركّبات وجوب ما عدا الجزء المجهول ، فإن تمّ هذا الاستنتاج كان دليلا اجتهاديّا على وجوب ما عدا الجزء الساقط حاكما على أصالة البراءة عن الباقي.
لكنّه مبنيّ على عدم كون الدوران في المقام من قبيل الدوران بين المتباينين ، وقد عرفت أنّه الحقّ ، وفي كلامه عليهالسلام في رواية عبد الأعلى (١) إشارة إلى هذا. وإنّ دليل نفي الحرج إذا انضمّ إلى دليل وجوب الوضوء أنتج وجوب ما عدا الجزء الحرجي.
الثاني : استصحاب وجوب الصلاة أو استصحاب وجوب الباقي ؛ إذ كان واجبا حينما كان الكلّ واجبا ولو وجوبا تبعيّا ، فيستصحب الوجوب الأعمّ من الأصلي والتبعي ، أو يستصحب خصوص الوجوب الأصلي ، لكنّ في خصوص ما إذا كان الجزء المتعذّر جزء يسيرا لا يضرّ ارتفاعه بتوصيف الباقي بالوجوب الأصلي بالمسامحة العرفيّة.
والكلّ باطل ؛ لابتناء الأوّلين على حجّيّة القسم الثالث من استصحاب الكلّي ، مضافا إلى أنّ الأوّل منها لا يثبت وجوب الباقي ، وأمّا الأخير فالمسامحة مع القطع بالمدخليّة لا عبرة بها.
الثالث : قاعدة الميسور ، وهي قاعدة مستفادة من عدّة مراسيل نقلت من عوالي اللئالي ، وضعف أسانيدها منجبر بالعمل.
فمنها : النبوي : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه» (٢) ودلالته مبنيّة على أن تكون كلمة «من» تبعيضيّة و «ما» موصولة ، وهذا هو الظاهر إمّا كلّيّة أو في خصوص المقام ؛ لعدم معنى للبيان بعد عدم كون مدخولها ممّا يحصل به البيان ، بل هو من المبهمات المحتاج إلى البيان بمرجعه ، فيدور الأمر بين الزيادة
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٣ / ٤ ؛ التهذيب ١ : ٣٦٣ / ١٠٩٧ ؛ الاستبصار ١ : ٧٧ / ٢٤٠ : وسائل الشيعة ١ : ٤٦٤ أبواب الوضوء ، ب ٣٩ ، ح ٥.
(٢) عوالي اللئالي ٤ : ٥٨ مع تفاوت يسير.