تشملها ، بل بعضها
يختصّ بها.
وذلك أنّ ضابط ما
يرجع فيه إلى البراءة هو عدم تماميّة الحجّة والبيان الذي يلزم به المولى ويقبح
منه تركه ، وهذا البيان هو البيان الكبروي للحكم. وأمّا التنبيه على الصغريات
وبيان أحكامه الجزئيّة في كلّ جزئي جزئي من أفراد الموضوع الكلّي فليس وظيفة
المولى ، ولا يؤاخذ به المولى ، ولا يقبح منه تركه حتّى إذا ترك عدّ العبد معذورا
وعقابه على المخالفة قبيحا ، بل بمجرّد أن تمّ البيان في متن الموضوع الكلّي وجب
على العبد تفريغ الذمّة من هذا الحكم المقطوع في متن موضوعه الواقعي بالاحتياط في
الجزئيّات المشتبهة. ولذا قيل : إنّ لازم القول بالصحيح في ألفاظ العبادات وجوب
الاحتياط في الشكّ في الأجزاء والشرائط ، لكنّ ذلك بناء على أنّ الموضوع له
لألفاظها هو مفهوم واحد بسيط ولو بالإشارة إليه بخواصّها كمفهوم «الناهي عن
الفحشاء» و «قربان كلّ تقي».
وربما يتوهّم أنّ
ذلك من جهة اندراج الشكّ حينئذ في الشكّ في المحصّل بتوهّم أنّ الفرد مقدّمة
للطبيعة ، فيمنع ذلك بمنع المقدّميّة ، لكنّه توهّم فاسد ، بل هذا مناط مستقلّ في إيجاب
الاحتياط في عرض الشكّ في المحصّل ، فكلّ ما تمّ ما على المولى من البيان لزم
الاحتياط من العبد تفريغا للذمّة عمّا قامت عليه الحجّة ، ولا ينظر إلى الجهل
الموضوعي.
وقد تقدّم بيان
هذا في الشبهة التحريميّة الموضوعيّة ، وإنّما كرّرنا القول فيه لما رأينا من قصر
بعض الاحتياط بالشبهة الموضوعيّة من مسائل الأقلّ والأكثر وقصر آخرين له بالشبهات
الموضوعيّة التحريميّة ، ولكنّ الكلّ خال عن السداد ومنحرف من جادّة الصواب ،
والصواب ما ذكرناه من عموم الاحتياط لسائر الشبهات الموضوعيّة. لكنّ هذا مجرّد بحث
عقلي ، وأدلّة البراءة الشرعيّة لا تبقي للاحتياط مجالا ؛ فإنّها بعمومها تشمل
الموضوعيّة من الشبهات ، بل موضوع بعضها هي هذه الشبهات.
[البراءة تجري في
القيد العدمي والوجودي]
لا فرق في البراءة
بين أن يكون القيد المشكوك وجوديّا أو عدميّا ، فجاز أن يؤتى بما شكّ في اعتبار
عدمه كما جاز أن يترك ما شكّ في اعتبار وجوده.
__________________