للأقلّ على كلّ حال ، والشكّ بالنسبة إلى الأكثر بدويّا يشمله حديث الرفع وإلّا زاحم شمول حديث الرفع للأكثر شمولاه للأقلّ كما في كلّ متباينين ، كما أنّه إن لم تكن مزاحمة هنا جرت البراءة العقليّة ايضا.
بقي الكلام في القسمين الآخرين من الأقلّ والأكثر. وإنّما يحتاج إلى البحث عنهما من يذهب إلى البراءة في القسم الأوّل ، وأمّا من يذهب إلى الاحتياط فيه فسبيل الاحتياط فيهما أوضح ، وهما بالقول بالاحتياط أحرى ؛ لأنّهما أقرب إلى المتباينين ، بل هما منه حقيقة.
بيانه : أنّ الطلب وجهه إلى الخارج ، والخارج ليست فيه كثرة ولا قلّة ، وليست الصلاة متطهّرة تزيد على الصلاة ، ولا زيد يزيد على الإنسان في وعاء الخارج. والزيادة في وعاء النفس لا تجدي بعد أن لم يتوجّه التكليف إلى ما في ذلك الوعاء. ولكنّ الحقّ ـ مع ذلك ـ جريان البراءة في أوّل القسمين على ذاك المسلك الذي سلكناه في القسم الأوّل ، وذلك غير مسلك الانحلال ، فإنّه على ذلك المسلك بعينه ينبغي القول بالبراءة في المقام ؛ فإنّ ذات المشروط لو كان واجبا كان بيانه تامّا وقطع العذر به حاصلا بلا حاجة إلى بيان آخر بخلاف ما لو كان الواجب المشروط بما هو مشروط ؛ فإنّ احتمال وجوبه احتمال ساذج خال عن الحجّة ، وكلّ ما دار الأمر بين حكم تمّت حجّته وأخر لم تتمّ جرت البراءة عمّا لم تتمّ.
وأمّا في ثاني القسمين ـ أعني دوران الأمر بين الطبيعة والفرد ـ فالطبيعة مطلقة لم يتمّ بيانها كعدم تماميّة بيان الفرد ، والذي تمّ بيانه هي الطبيعة مهملة ، وهي ليس متيقّنا خارجيّا يرجع فيما زاد عليها إلى البراءة.
وبالجملة : الإتيان بذات المشروط واجب على كلّ حال ، ويشكّ في اعتبار أمر معها ـ أعني اعتبار تقيّدها بالشرط ـ بخلاف الإتيان بذات الطبيعة ؛ فإنّه لا يعلم وجوبه كيف ما كان ؛ ليكون الشكّ في الشخص شكّا في خصوصيّة زائدة. نعم ، الطبيعة مهملة متيقّنة الوجوب ، لكنّ المهمل لا وجود له في الخارج.
[جريان البراءة في الشبهات الموضوعيّة والحكميّة]
إنّما يرجع إلى البراءة فيما يرجع إليها من المسائل المتقدّمة حيث تكون الشبهة حكميّة ، وأمّا الشبهات الموضوعيّة فأصلها العقلي هو الاحتياط ، وإن كانت أدلّة البراءة الشرعيّة