[الشبهة غير المحصورة]
إنّما يجوز ارتكاب أطراف الشبهة غير المحصورة مع انطباق شيء من العناوين الرافعة للتكليف كعسر أو حرج أو ضرر أو خروج شيء من الأطراف عن محلّ الابتلاء ، فليس عنوان عدم حصر الشبهة عنوانا رافعا للتكليف ما لم يحصل شيء من العناوين الأخر الرافعة له. هكذا قيل.
والحقّ أنّ نفس عنوان عدم حصر الشبهة رافع للحكم عن الفعليّة ، كما هو ظاهر تقسيمهم للشبهة إلى محصورة وغير محصورة ، وحكمهم في غير المحصورة بعدم وجوب الاحتياط ؛ فإنّ انتشار الاحتمال في الأطراف يبلغ إلى مثابة لا يكون محرّكا لدى العقلاء إلى الاجتناب كما يرى ذلك في المهالك والمضار ، بل لو اجتنب أحدّ أطعمة بغداد لوجود طعام واحد مضرّ فيها أو سمّ مهلك فيها عدّ من المجانين.
والمعيار في فعليّة الحكم إلى وصوله إلى باب تحريك العقل سواء كان ذلك لحصول علم تفصيلي أو علم إجمالي أو شكّ بدوي يوجب فيه العقل التحرّز والاحتياط ، وأمّا فيما عدا ذلك فلا يكون الحكم فعليّا.
وقد عرفت في أصالة التخيير أنّ العلم الإجمالي بإلزام متعلّق إمّا بفعل شيء أو تركه لا يكون مؤثّرا في فعليّة الحكم ؛ إذ لا يكون محرّكا عقلائيّا. نحو فعل ذلك الشيء أو تركه ، فإذا لم يكن العلم الإجمالي في أطراف غير محصورة محرّكا عقليّا كان التكليف لغوا باطلا يستحيل صدوره من الحكيم ؛ فإنّ التكليف إنّما يصحّ لغاية الدعوة ، وما لا دعوة له لا صحّة له.
نعم ، لازم ما ذكرناه أنّ هذه المرتبة من ضعف الاحتمال لو طرأت بعض أطراف الشبهة المحصورة أيضا لم يجب الاحتياط ، ونحن نلتزم بهذا اللازم ؛ فإنّ هذا الضعف يلازم قوّة احتمال الطرف المقابل البالغ إلى حدّ الاطمئنان ، وقد عرفت حجّيّة الاطمئنان.
ومن هنا ظهر لك ضابط حصر الشبهة ولا حصرها ، وأنّ كثرة الاحتمالات إن بلغت إلى حدّ لا يكون محرّكا عند العقل فتلك شبهة غير محصورة ، وإلّا فمحصورة.