ولا تفصيلا ، فيرجع إلى قاعدة الطهارة.
وإن كان الواحد المعلوم غير متعيّن على كلّ حال ، بل متعيّنا إن كان في الجانب المتّحد ، ومردّدا بين اثنين إن كان في الجانب المتعدّد كما في العلم الإجمالي بنجاسة إمّا هذا الإناء أو ذينك الإناءين ، فحكمه اجتناب الجميع كما إذا علم بنجاسة أحد الأواني الثلاثة ؛ فإنّ هذا الواحد المعلوم لا ينطبق على معيّن من ذينك الإنائين حتّى يخرج الآخر عن الطرفيّة ، بل ينطبق على كلّ منهما كما ينطبق الواحد بين الأواني الثلاث على كلّ منها ، فيدخل الكلّ في أطراف المعلوم بالإجمال ، ويجب الاجتناب عن الجميع ، وليس بإخراج واحد معيّن عن الطرفيّة أولى من إخراج الآخر عنها.
والحاصل : لا ينبغي أن يغترّ بصدق التعبير بقول : إنّا نعلم بالإجمال بنجاسة إمّا هذا الإناء أو ذينك الإناءين ؛ فإنّ صدق هذا لا يلازم طرفيّة الإناءين جميعا للواحد ، بل يجتمع مع كون أحد الطرفين طرفا والآخر خارجا محكوما بحكمه ، فإذا علم بحكم حادث في زمان كذا أو مكان كذا أو عن سبب كذا مردّد أن يكون متعلّقا بهذا أو بذاك لم يجب الاحتياط إلّا بين هذا وذاك وإن علم بمشاركة ثالث أحد هذين.
فإذا وقع نجس في يوم الجمعة في أحد هذين الإناءين وعلم أنّه لو كان واقعا في هذا الإناء فقد وقع نجس آخر في إناء ثالث لم يجب الاحتياط إلّا عن الإناءين دون الإناء الثالث ، بخلاف ما لو تردّد أنّ ذلك النجس الواقع يوم الجمعة هل وقع في هذا الإناء أو انتصف نصفين ، ووقع كلّ نصف في واحد من ذينك الإناءين.
ومسألتنا من قبيل الأوّل إن كان الملاقي مميّزا من الملاقى ، ومن قبيل الثاني إن اشتبه ولم يعلم الملاقي من الملاقى ؛ فإنّ بالاشتباه المذكور يضيع الخطاب الأصلي المعلوم في البين بين أطراف ثلاث ، كما إذا اشتبه أحد الطرفين بعد العلم الإجمالي بإناء آخر طاهر ؛ فإنّ بالاشتباه المذكور يكون الكلّ أطرافا للعلم الإجمالي.
وممّا ذكرنا ظهر بطلان التفصيل بين سبق العلم على الملاقاة ولحوقه ؛ فإنّه مع حصر الخطاب بين الطرفين الأصليّين أيّ أثر لتأخّر العلم في وجوب الاحتياط؟! ومع عدم حصره أيّ جدوى لسبق العلم في عدم وجوب الاحتياط؟!