[الدوران بين الأقلّ والأكثر]
إذا تردّد التكليف المركّب بين الأقلّ والأكثر فلا محالة يكون الأقلّ داخلا تحت التكليف وكان الشكّ في دخول ما به زاد الأكثر على الأقلّ ، فهل ذلك داخل في الشبهة الدائرة بين المتباينين موضوعا أو حكما أو خارج عنهما فيرجع فيه إلى البراءة ، أم يفصّل فيه بين صوره وأقسامه؟ فيه إشكال ، يتّضح الحقّ من ذلك بعد ذكر أقسام الأقلّ والأكثر.
فاعلم أنّ للشبهة الدائرة بين الأقلّ والأكثر أقساما ثلاثا :
الأوّل : أن يزيد الأكثر على الأقلّ زيادة خارجيّة كزيادة الصلاة مع السورة على الصلاة بلا سورة.
الثاني : أن يزيد الأكثر على الأقلّ زيادة ذهنيّة كزيادة المشروط بشرط على الخالي عن الشرط ؛ فإنّ ذات الشرط وإن كان أمرا خارجيّا زائدا على المشروط لكنّ هذا الزائد ليس دخيلا في المشروط ، وإنّما الدخيل تقيّده والتقيّد أمر ذهني.
الثالث : أن تكون زيادة الأكثر على الأقلّ بضرب من التحليل العقلي كزيادة الشخص على الطبيعة ، فإذا تردّد التكليف بين أن يكون متعلّقا بطبيعة كإكرام العالم وبين أن يكون متعلّقا بشخص من تلك الطبيعة كإكرام زيد العالم كان من هذا الباب ؛ فإنّ الشخص لا يزيد على الطبيعة بشيء خارجي ولا بأمر ذهني إلّا بضرب من تحليل الخارج إلى ماهيّة ووجود ، وإلّا فالماهيّة في الخارج عين الخارج ، وفي الذهن عين الذهن.
ولنبدأ بالكلام في القسم الأوّل ، ويتلوه الكلام في القسمين الآخرين ، ونبحث فيه تارة من حيث الموضوع وأنّه داخل في الدوران بين المتباينين أولا؟ وأخرى من حيث الحكم وأنّه على تقدير خروجه عن المتباينين هل هو في حكمه أولا؟
أمّا البحث الأوّل : فاعلم أنّ كلّا من حدّي القلّة والكثرة وإن كان مباينا لصاحبه طاردا له غير مجامع معه ، وإنّما كان الداخل في الأكثر من الأقلّ مادّته لا حدّ قلّته وإلّا لزم أن يكون أقلّ وأكثر في لحاظ واحد ، وهو باطل ، بل حينما هذه المادّة تلحظ مع الزيادة هي أكثر ، وحينما تلحظ لا مع الزيادة وبشرط عدم الزيادة هي أقلّ ، ومع عدم اللحاظين هي لا أقلّ ولا أكثر ، بل مادّة الأقلّ والأكثر والمستعدّة لأن يكون أقلّ وأكثر بأحد اللحاظين.