إلى قمة الترقي مرحلة بعد مرحلة ، وصعد من درجة دنيا الى درجة عليا ، فأعلى حتی يصیر مجتمعاً راقياً حاوياً لكل مواصفات المجتمع المتحضر وحائزاً علی كل صفات الأمة المتمدنة.
وما ادعاه بعض علماء الاجتماع من أن تكامل المجتمع من مرحلة الى مرحلة اخرى انما يتحقق بالطفرة لا ينافي ما ذكرناه ايضاً ، فان تحقق الطفرة يتوقف على حصول مقدمات ، وقطع اشواط من التكامل وان كان يتحقق الانتقال دفعة واحدة.
فاذا رأينا مجتمعاً غارقا في ظلمة التوحش ، فاقداً لكل انواع العلم والحضارة ، عاريا عن مثل الاخلاق ومتجرداً عن قيم الانسانية قد انتقل ـ في مدة قصيرة جداً ـ من هذا الحضيض الى اوج الكمال والحضارة على نحو لا يوجد له نظير في الأمم والشعوب السابقة علمنا ـ من ذلك ـ ان هناك وراء الأسباب الطبيعية عاملا غيبياً وسببا غير مادي رفع هذا المجتمع من الشعر الى القمة ، ومن الحضيض الى الذورة.
وقد حدث مثل هذا في تاريخ البشرية فعلا.
فالامة العربية التي كانت قبل الاسلام تعيش في منتهى البداوة والتوحش وفي غاية الجهل والتخلف لم تلبث ـ بعد ظهور الاسلام ـ أن وصلت الى قمة الكمال حتى صارت معلمة البشرية ، وقائدة الامم بفضل الاسلام وتعاليمه الحيوية (١).
__________________
(١) قال الامام علي ـ عليه السلام ـ وهو يصف حالة العرب قبل الاسلام وما تحقق لها بعاد بعثة النبي ـ صلى الله علیه وآله ـ :
«أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ونجيبه وصفوته لا يوازي فضله ولا يجبر فقده ، أضاعت به البلاد بعد الضلالة المظلمة ، والجهالة الغالبة ، والجفوة