* ت* : وزاد الثعلبيّ : وقيل : المعراج ، وما رأى في تلك الليلة في مسراه في عوده وبدئه ؛ دليله قوله تعالى : (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ...) [الإسراء : ١] الآية ، قال عياض : / وقوله تعالى : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) انحصرت الأفهام عن تفصيل ما أوحى ، وتاهت الأحلام في تعيين تلك الآيات الكبرى ، وقد اشتملت هذه الآيات على إعلام الله بتزكية جملته* ع* وعصمتها من الآفات في هذا المسرى ، فزكى فؤاده ولسانه وجوارحه ؛ فقلبه بقوله تعالى : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) [النجم : ١١] ، ولسانه ـ عليهالسلام ـ بقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) [النجم : ٣] ، وبصره بقوله تعالى : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) ا ه.
ولما فرغ من ذكر عظمة الله وقدرته قال على جهة التوقيف : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ...) الآية ، أي : أرأيتم هذه الأوثان وحقارتها وبعدها عن هذه القدرة والصفات العليّة ، واللات : صنم كانت العرب تعظمه ، والعزّى : صخرة بيضاء كانت العرب أيضا تعبدها ، وأمّا مناة : فكانت بالمشلل من قديد ، وكانت أعظم هذه الأوثان عندهم ، وكانت الأوس والخزرج تهل لها ، ووقف تعالى الكفّار على هذه الأوثان ، وعلى قولهم فيها : إنها بنات الله ، فكأنّه قال : أرأيتم هذه الأوثان وقولكم : هي بنات الله (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى) ثم قال تعالى على جهة الإنكار : (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) أي : عوجاء ؛ قاله مجاهد (١) ، وقيل : جائرة قاله ابن عبّاس (٢) ، وقال سفيان (٣) : معناه : منقوصة ، وقال ابن زيد (٤) : معناه : مخالفة ، والعرب تقول : ضزته حقّه أضيزه بمعنى : منعته ، وضيزى من هذا التصريف ؛ قال أبو حيان (٥) : و (الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) صفتان لمناة ؛ للتأكيد ، قيل : وأكّدت بهذين الوصفين ؛ لعظمها عندهم ، وقال الزمخشري : والأخرى ذمّ ، وهي المتأخرة الوضيعة المقدار ، وتعقّب / بأنّ أخرى مؤنث آخر ، ولم يوضعا للذّم ولا للمدح.
* ت* : وفي هذا التعقب تعسف ، والظاهر أنّ الوصفين معا سيقا مساق الذّمّ ؛ لأنّ هؤلاء الكفّار لم يكتفوا بضلالهم في اعتقادهم ما لا يجوز في اللات والعزى ، إلى أن
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٥٢٢) برقم : (٣٢٥٤٦) ، وذكره البغوي (٤ / ٢٥٠) ، وابن عطية (٥ / ٢٠١)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٥٢٢) برقم : (٣٢٥٤٩) ، وذكره البغوي (٤ / ٢٥٠) ، وابن عطية (٥ / ٢٠١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٦٤) ، وعزاه لابن جرير.
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٥٢٢) برقم : (٣٢٥٥٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٠١)
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٥٢٢) برقم : (٣٢٥٥١) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٠١)
(٥) ينظر : «البحر المحيط» (٨ / ١٦٠)