مسعود (١) وأبو قرة (٢) : معناه : ولذكر الله إياكم ؛ أكبر من ذكركم إياه.
وقيل : معناه : ولذكر الله أكبر ؛ مع المداومة من الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر. وقال ابن زيد وغيره : معناه : ولذكر الله أكبر (٣) من كل شيء. وقيل لسلمان : أيّ الأعمال أفضل؟ فقال : أما تقرأ (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ). والأحاديث في فضل الذّكر كثيرة ؛ لا تنحصر.
وقال ابن العربي في «أحكامه» (٤) : قوله : و (لَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) فيه أربعة أقوال :
الأول : ذكر الله لكم أفضل من ذكركم له ؛ أضاف المصدر إلى الفاعل.
الثاني : ذكر الله أفضل من كل شيء.
الثالث : ذكر الله في الصلاة ؛ أفضل من ذكره في غيرها ؛ يعني : لأنهما عبادتان.
الرابع : ذكر الله في الصلاة ؛ أكبر من الصلاة ؛ وهذه الثلاثة الأخيرة من إضافة المصدر إلى المفعول ، وهذه كلها صحيحة ، وإن للصلاة بركة عظيمة ، انتهى.
قال ع (٥) : وعندي ، أن المعنى : ولذكر الله أكبر على الإطلاق ، أي : هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر ، فالجزء الذي منه في الصلاة ؛ يفعل ذلك ، وكذلك يفعل في غير الصلاة ، لأنّ الانتهاء لا يكون إلا من ذاكر لله تعالى ، مراقب له ، وثواب ذلك الذكر أن يذكره الله تعالى ، كما في الحديث الصحيح : «ومن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم» (٦) والحركات التي في الصلاة ؛ لا تأثير لها في نهي ، والذكر النافع هو مع العلم ؛ وإقبال القلب وتفرّغه إلا من الله تعالى. وأما ما لا يتجاوز اللسان ففي رتبة أخرى ، وذكر الله تعالى للعبد ؛ هو إفاضة الهدى ونور العلم عليه ؛ وذلك ثمرة ذكر العبد ربّه.
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٤ / ٣٢٠) ، وابن كثير (٣ / ٤١٥) ، والسيوطي (٥ / ٢٨٠) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في «زوائد الزهد» ، وابن جرير عن ابن مسعود.
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٤٧) رقم (٢٧٨٠٣) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٢٠) ، والسيوطي (٥ / ٢٨٠) ، وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير عن جابر قال : سألت أبا قرة.
(٣) ذكره ابن عطية (٤ / ٣٢٠)
(٤) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٤٨٧)
(٥) ينظر : «المحرر» (٤ / ٣٢٠)
(٦) تقدم تخريجه ، وهو حديث : «أنا عند ظن عبدي بي».