وقوله تعالى : (لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) ذهب الزجاج (١) وغيره إلى أن جواب «لو» محذوف. تقديره : لما نالهم العذاب.
وقالت فرقة : لو : متعلقة بما قبلها ، تقديره : فودّوا حين رأوا العذاب لو أنّهم كانوا يهتدون.
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (٦٦) فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٧٢)
وقوله سبحانه : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) هذا النداء أيضا للكفّار ، و (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ) : معناه أظلمت عليهم جهاتها.
وقوله : (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) معناه ، في قول مجاهد : لا يتساءلون بالأرحام (٢) ويحتمل أن يريد أنهم لا يتساءلون عن الأنباء ، ليقين جميعهم أنه لا حجّة لهم.
وقوله سبحانه : (فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ).
قال كثير من العلماء : «عسى» من الله واجبة.
قال ع (٣) : وهذا ظنّ حسن بالله تعالى يشبه كرمه وفضله سبحانه ، واللازم من «عسى» : أنها ترجية لا واجبة ، وفي كتاب الله تعالى : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ) [التحريم : ٥].
ت : ومعنى الوجوب هنا : الوقوع.
__________________
(١) ينظر : «معاني القرآن» للزجاج (٤ / ١٥١)
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٩٤) رقم (٢٧٥٥٤) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٢٩٥) ، وابن كثير (٣ / ٣٩٧) بنحوه ، والسيوطي (٥ / ٢٥٧) ، وعزاه للفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٣) ينظر : «المحرر» (٤ / ٢٩٥)